ماذا لو لم يتعلم هؤلاء العربية؟
حزنت جدا مما قاله الإعلامي يوسف الحسيني حول ضرورة عدم تدريس اللغة العربية لأبنائنا التلاميذ في المرحلة الابتدائية، حفاظا على مشاعر إخوتهم الأقباط الذين يحفظون القرآن الكريم غصبا عنهم بهذه الطريقة، ومصدر حزني أن هذا التصريح ربما تناسى أن لغتنا تعني هويتنا ولساننا، وأنها أحد مكونات شخصيتنا، كما أن المسيحيين العرب كما يحلو للبعض تسميتهم هم إخوة لنا وكانت لهم منذ القدم إسهامات عدة في إثراء اللغة العربية وحركة التعريب والثقافة..
أعادني هذا التصريح إلي مقال كان قد كتبه الأستاذ إكرام لمعي وهو مسيحي، وأستاذ مقارنة أديان عن "العطاء المسيحي للغة العربية"، تم نشر المقال في جريدة الشروق، اقتطف منه بعض الاستشهادات وأتساءل من خلاله ماذا لو لم يتعلم هؤلاء العربية؟
أوفياء للغة
يقول الأستاذ إكرام لمعي في مقاله "اهتم المسيحيون العرب بتطوير العربية وتحسينها لأغراض أدبية ودينية قبل ظهور الإسلام.. كما أن الدراسة المدققة تؤكد أن الخط العربى بصفة خاصة نشأ وتطور في أحضان المسيحيين وحرصوا على الاحتفاظ به وظلوا أوفياء للغة حتى الآن. فماذا لو لم يفعلوا..
بالإضافة إلي أن عمالقة حركة الترجمة كانوا فلاسفة ومفكرين مسيحيين وكانوا أول من رفع لواء القومية العربية عاليا ضد حملة حركة التتريك العثمانية، ونذكر منهم بطرس البستاني مؤسس أول مدرسة عربية حديثة وأول معجم عربي مطول حديث باسم محيط المحيط، وهناك من هؤلاء المسيحيين من قدموا عطاءات ثمينة للمكتبة العربية أمثال جورجي زيدان مؤسس مجلة الهلال، ومنهم العالم الكبير شبل شميل وسليم وبشارة تقلا مؤسسا صحيفة الأهرام ويعقوب صروف وفارس نمر من مؤسسي مجلة المقتطف التي تخصصت فى البحوث العلمية والفكرية والأدبية الراقية ومنهم ناصيف وإبراهيم اليازجي..
وفى مطلع العشرينيات من القرن العشرين تشكلت الرابطة القلمية في نيويورك، على أكتاف نخبة من المسيحيين المهاجرين من بلاد الشام، حيث فجرت أول حركة فكرية أدبية عربية فى العالم الغربى، انتقلت إلى الوطن العربى فشكلت ثورة أدبية طورت اللغة العربية. وأصبحت أعمال جبران خليل جبران، تتصدر واجهات مختلف مكتبات أمريكا وأوروبا..
ومن أعضائها الكاتب المعروف ميخائيل نعيمة وعبدالمسيح حداد ورشيد أيوب وندرة حداد ومن جملة المسيحيين الذين لهم دور كبير فى الثقافة العربية والفكر العربي المعاصر، والكفاح الوطنى؛ سلامة موسى وأنطون سعادة وقسطنطين رزيق، وجورج طرابيشي وجورج حبشي وميشيل عفلق وجورج قرم وعزمى بشارة وكلوفيس مقصود وإدوار خراط وناصيف نصار ولويس عوض وكمال اليازجى وأنطون غطاس كرم وغالي شكري وجورج صليبا وخليل رامز سركيس وفرانسوا باسيلى".
ماذا كنا سنكسب لو حجبنا اللغة العربية عن أمثال هؤلاء بما لهم من دور في تكوين ثقافة عربية واحدة وما لهم من أدوار في هذه الثقافة.. أرجو الإجابة من الأستاذ يوسف الحسيني أو أحد تلامذته؟