من الفائز.. مصر أم الجزائر
فى كرة القدم الفائز من مصر أو الجزائر هو المستحق لهذا الفوز الذى عمل من أجل تحقيقه، أما فى النضال فإن كلا البلدين قد تشاركا وفازا معا، وعملا معا من أجل تحرير الإنسانية كلها. مصر والجزائر خاضتا معا معركة الكرامة، وانتصرتا معا على أعتى قوتين عالميتين فى ذلك الوقت. مصر طردت وطاردت المحتل الإنجليزى، والجزائر طردت وطاردت المحتل الفرنسى.
لم يكن البلدان بعيدان عن بعضهما فى نضالهما، فقد اقتسما معا كل شيء من البندقية وحتى "اللقمة"، وقد تعرضا لتهديدات القوى الاستعمارية فى ذلك الوقت لوقوفهما مع بعضهما البعض، هددت فرنسا بنسف إذاعة صوت العرب بتهمة تحريض المجاهدين الجزائريين ضد الوجود الفرنسى فى الجزائر، ووقفت مصر بكل ما تملك للذود عن أشقائنا، دعما بالسلاح والمال والنفس والجهد وفضح جرائم الاحتلال الفرنسى على مستوى العالم.
وردَّت جزائر الأحرار بالصمود والوقوف بجوار مصر فى حربها ضد الاحتلال الصهيونى للأرض المصرية بكل ما تملك من مال وعتاد وجنود، واختلط الدم الجزائرى بالمصرى على أرض المعركة.
قبل مباريات الكرة والمنافسات الرياضية كنا شعبا واحدا، أصحاب قضية واحدة، ذقنا معًا حلاوة النصر، وتجرعنا آلام الاحتلال، وكان المواطن الجزائرى مصرى الهوى، وكان المواطن المصرى جزائرى النزعة، كنا وكانت أيامنا نضالا وبطولات ضد عدو واحد هدد الأمة العربية فى مقدراتها وحريتها وقرارها واستقلاله.. كنا وكانت أغانينا واحدة، وكلمتنا واحدة، وقضيتنا واحدة.
لم تكن معركة الجزائر ومصر من أجل وطن صغير، بل كانت معركة من أجل الإنسانية.. ضد الاستعباد والاحتلال والغصب والقهر، وقدمنا مثالا يحتذى فى العمل المشترك.
ومع ظهور أجيال لم تعِ معركة المصير الواحد تعاركنا بسبب هدف فى مرمى لا يزيد ولا ينقص عن كونه مسابقة فى كرة القدم، وطالتنا فُرقة مزعجة ونعرات عصبية لم يكن لها وجود.
اليوم أرى فى كل جزائرى جزءا منى، وأرى فى كل وجه عربى قطعة منى، ولا أرى إلا عدوًا لا يزال يتربص بنا وإن اختلفت معايير الاحتلال والقهر والغصب.