رشوان توفيق
إذا كانت آليات العمل في الفن قد أسقطت الفنان رشوان توفيق من حسابات شركات الإنتاج.. فإنه أبدًا لم يسقط من حسابات الجماهير، وإذا كان القائمون على جوائز المهرجانات والتكريمات قد أسقطوا الرجل من حساباتهم.. فالرجل يكرمه الجمهور في كل عمل له تعيد عرضه القنوات، وإذا كان الرجل قد عانى عقوقًا لم يكن يتوقعه من أحد أفراد أسرته.. فكل أفراد الأسرة التي يزيد عددهم عن المائة مليون يضعونه فوق روؤسهم.
رشوان توفيق أمتعنا وأوجعنا، أمتعنا عندما قدم أعمالًا كانت ولا تزال علامات في كل مجالات الدراما، لم يضعفه العوز أمام عمل لم يرق له، ولم يغريه المال ليقدم ما هو ضد مبادئه وقناعاته، لذلك لم نضبطه يومًا نادمًا على عمل قدمه. ثم أوجعنا الرجل عندما أطل علينا حزينًا، يحكي جحودًا تعرض له.
رسائل رشوان توفيق
لن أتوقف أمام أسباب حزن الفنان رشوان توفيق وألمه، لأنني على يقين أن أسباب الوجع والألم زالت بعد إطلالته، ربما زالت لزوال السبب، أي أن المتسبب في ألمه شعر بالندم، فذهب إليه يقبل رأسه ويديه، ويبكي في حضنه، ويهب نفسه لخدمته طوال حياته، وربما زالت أسباب الحزن عندما فتح ملايين المصريين أحضانهم وقلوبهم له بعد أن بكوا لبكائه، لن أتوقف أمام هذا، لكني سأتوقف أمام عطاء الرجل المستمر حتى في لحظات مرضه وضعفه.
إطلالة رشوان توفيق الأخيرة التي أوجعتنا هي إستمرار لعطائه، فإذا كان الرجل قد قدم مئات الرسائل الهادفة من خلال أعماله الفنية.. فها هو يقدم رسالة إنسانية شخصية لا تستوعبها الأعمال الفنية الحالية، وكأن الرجل يقول لا ل عقوق الوالدين، ولا للجحود، وجزاء الإحسان لابد أن يكون إحسانًا، والعطاء لابد أن يقابله العطاء. ويدق الرجل جرس إنذار لكل أب من خلال تجربته الشخصية، بألا يعطي كل ما يملك في حياته لأبنائه حتى لا يتعرضوا لما تعرض له.
رشوان توفيق نموذجًا يحتذى به في التمسك بالمبادئ والقيم، وفي العفة والرضا، ونموذجًا للزوج المثالي، والأب المعطاء، فهنيئًا للإعلامية هبة رشوان بأب يحمل هذه المواصفات، ولتستمر كعادتها في الفخر والتباهي به ونقل أخباره إلى جمهوره، وهنيئًا لها بأب فنان أبى إلا أن يعلمنا دروسًا من تجربته الشخصية رغم مرارتها، وهنيئًا لمن كان سببًا في حزن الرجل بتوبة وندم واعتذار، وهنيئًا لك الأب الفاضل رشوان توفيق بهذا الإستفتاء الكبير على حبك.
besheerhassan7@gmail.com