عن رشوان توفيق.. وعائلته!
في السنوات الأولي من العمل الصحفي وكنت لم أزل بجريدة الأسبوع التي كانت في صدارة الصحف المصرية وقتها.. حيث انطلق المخرج شريف عبد اللطيف يروي بعض مشاكله مع البيروقراطية في مصر.. كنت ألتقيه للمرة الأولي وفي بلادنا تكون الانطباعات الأولي عن بعض الناس صحيحة.. حيث اكتشفت أنني أمام رجل يحب بلده جدا ومثقف للغاية..
حتي أن كل ما قاله من مشكلات تبدو خاصة لكنها في الأصل عامة تمنعه -حسبما فهمت- ومن خلال شركته الخاصة للإنتاج من دعم القوي الناعمة لمصر.. والتصدي للغزو الثقافي الذي يستهدف الدور المصري!
كان ذلك في العام ٢٠٠٠ تقريبا حيث كان التراجع الكبير في الحضور المصري قد تجلي بكل أسي وعلي أسوأ صوره !
وعرفت أنه شقيق المخرج المسرحي الكبير شاكر عبد اللطيف والد النجم المحترم أحمد شاكر..
مرت سنوات وتولي شريف عبد اللطيف رئاسة قطاع الفنون الشعبية بوزارة الثقافة مسئولا عن عديد من الفرق التي تحمل اسم مصر.. نهض بالقطاع وانطلق به إلي آفاق جيدة وأفضل كثيرا مما كان عليه وفجأة يتحالف ضده حزب الفشل مع البيروقراطية ويكونان عائقا في طريق تحقيق أحلامه لهذا القطاع!
وسط هذه الأزمات والضجيج داخل وزارة الثقافة عرفت بالصدفة للمرة الأولي أن زوجته هي الإعلامية المرموقة هبة رشوان!
رمز الطهر والنقاء
كانت هبة رشوان -ولم تزل- صاحبة حضور طاغ ومتميز ومميز علي شاشة التليفزيون الوطني.. حتي تشرفت بعد ٣٠ يونيو أن صرت -تقريبا- ضيفا شبه دائم علي برامجها لنكتشف أن شريف عبد اللطيف -مع حفظ كل الألقاب- ليس إلا النصف الآخر لها وإلي حد التطابق.. ربما تتفوق عنه في الحماس الشديد لما تؤمن به وإلي حدود الانفعال.. كلاهما يعشق مصر بشكل تستحقه مصر.. كلاهما له رؤية في كل -كل- قضايا الوطن.. السياسة والثقافة والفن وغيرها.. مراجعات تجريها السيدة هبة وتعترف بها في بساطة عجيبة وتعيد ترتيب آرائها وقناعاتها علنا في مسائل عديدة..
فهو ابن أسرة علي النحو الذي ألمحنا اختصارا إليه.. وهي ابنة رشوان توفيق! انتهي التعريف فهذا يكفي! ابنة رشوان توفيق! رمز الطهر والنقاء في الفن المصري كله.. ولكن الأمانة تقتضي القول إن هذه الأسرة كلها تشكلت علي نحو مدهش.. فشريف وهبة -مع حفظ الألقاب كلها كما قلنا- يتشابهان وجديران ببعضهما.. لكن نجد وقد سبقهما الفنان الكبير والسيدة زوجته أيضا قبل رحيلها العام الماضي رحمها الله.. فالطيبات للطيبين حقا كما يقول القرآن العظيم!
تسمح الظروف والمناسبات -لنا- أن نقترب أكثر وأكثر ونعرف كيف تعامل هبة رشوان والديها.. وكيف انتقلت إقامتها إلي بيت أبيها لترعي أمها الغالية في شدة المرض.. ثم تبقي بعد رحيلها مع الأب لتقتسم نفسها بين بيتها وزوجها وابنتيها وعملها.. وقبلهم أبيها !
مرات عديدة تحكي وتحكي.. عن نوادر النوادر عن تقوي الرجل.. وصلاحه.. إلي حدود -ربما- لا تتناسب مع زماننا.. خلق رفيع في زمن "...قيع".. فتكون الصدمات إلي حد خيبة الأمل.. وفي أزمة رحيل زوجة فناننا الكبير كتبت عنه -وهو شيخ الفنانين المصريين- مقالا.. وإذ بالاعلامية الكبيرة تؤكد إصراره علي أن يشكرني رغم معاناة الشيخوخة والمرض الذي يستلزم إجراءات معينة كي يتواصل مع الناس فضلا عن وجع فراق الزوجة الوفية وكان مسيطرا عليه وقتها.. وشرفني باتصال طويل !
باختصار -يا سادة- نقف أمام أسرة كل أعضائها تعرف الأصول والتربية والخلق القويم.. تعرف الله وحدود الله وما يغضب الله.. لا تقرب ما يخالف تعاليمه.. ولا تقترب مما يزعج الناس.. مهمومين بالوطن وبالقيم أكثر من أي شيء آخر.. وما جري أمس من هجوم البعض عليهم لمسألة عائلية تخصهم وحدهم مع ابنة أخري للفنان الكبير.. القول الفصل فيها إما ليقظة الضمير أو للقانون كان أمرا غير مقبول.. لا يصح السكوت عليه.. وكانت الشهادة السابقة في زحمة ما يكتب وسيكتب ضرورية ربما تقبلها الله كشهادة حق بحق أسرة طيبة.. لا تستحق إلا كل الخير.. ولا تستحق إلا الخير كله!