تقديرات إسرائيلية: أديس أبابا أوشكت على السقوط وتوقعات بحمام دم يفكك إثيوبيا
كشفت دراسة إسرائيلية قرب سقوط العاصمة الإثيوبية "أديس أبابا" فى يد قوات التيجراي، وحذرت من حمام دم مريع يلوح في الأفق، قد ينجم عنه تفكيك الدولة.
وبحسب الدراسة التي أعدها مركز "عكا للدراسات الإسرائيلية" منتصف الشهر الجاري، أن المعارك الدائرة بين الحكومة المركزية في إثيوبيا وتحالف الفصائل المناوئة لرئيس الوزراء آبى أحمد على، بزعامة جبهة تحرير "تيجراي" في الشمال وجيش تحرير "أورومو" في الجنوب متواصلة ومشتعلة.
المرحلة الحرجة
وأشارت إلى أن الحرب بين الطرفين دخلت مرحلة حرجة إثر سيطرة المعارضة على مدينتين استراتيجيتين شمال العاصمة أديس أبابا، ما دفع بالسلطات الإثيوبية لإعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد، ودعوة سكان أديس أبابا إلى تنظيم صفوفهم للدفاع عن المدينة.
وأوضحت أن حربًا أهلية طاحنة تلوح في الأفق وتوقعات بحمام دم مريع، تلك هي الصورة التي تتوقعها جهات إقليمية ودولية عدة لما ستؤول إليه الأحداث في إثيوبيا، ما قد ينجم عنه أيضا تفكك الدولة الفيدرالية إلى عدة دويلات لا تجمعها إلا الكراهية العرقية الشديدة.
وتابعت الدراسة، في ظل هذه الحالة المرتبكة قفزت تل أبيب مجددًا إلى الواجهة في الأزمة الأثيوبية بما يربطها من علاقات استراتيجية وأمنية مع أديس أبابا؛ للتعامل مع الملف المتعلق باليهود الأثيوبيين الذين يُخشى أن يتعرضوا للقتل في أتون هذا الصراع الدموي القائم، الأمر الذي استدعى أن يعقد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد اجتماعًا طارئًا في وزارته للنظر في تأثير تقدّم قوات تيجراي باتجاه العاصمة أديس أبابا، وانعكاس ذلك على الأخطار المحتملة على عشرة آلاف يهودي يقيمون في مخيمات العاصمة وكذلك في منطقة "غوندار" شمال أثيوبيا، ذلك لأنه سيكون من الصعب إجلاء هؤلاء في حال سيطرة جبهة تيجراي على العاصمة.
تحذير السفر
وعكَس قرار وزارة الخارجية الإسرائيلية إجلاء طاقم سفارتها في أديس أبابا، وإعادة الدبلوماسيين وعائلاتهم إلى إسرائيل، وتحذير اليهود من السفر إلى إثيوبيا؛ المخاوف الإسرائيلية حيال تطورات الأحداث واحتمال انزلاق إثيوبيا إلى حرب أهلية.
وتابع، بدأت هجرة اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل عام 1973م، وهاجر الجزء الأكبر منهم في جسرين جويين تم تنظيمهما عامي 1984 و1991 وتم نقل بعضهم عبر رحلات سرية من مخيمات للاجئين في السودان، ويعرف اليهود الذين بقوا في أثيوبيا باسم "الفلاشا مورا"، ويؤكد يهود "الفلاشا" أنهم أحفاد يهود إثيوبيين، لكنهم لا يستفيدون من "حق العودة" الذي يسمح لأي يهودي في الشتات بالهجرة إلى إسرائيل ويصبح مواطنًا تلقائيًا، وذلك لأنهم كانوا قد أجبروا على اعتناق المسيحية في القرن التاسع عشر، وقد ظل معظمهم معزولين عن المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم لعدة قرون ثم اعترفت السلطات الدينية في إسرائيل بهم مؤخرًا.
يهود الفلاشا
وقررت إسرائيل عام 1973 استجلاب العديد من يهود الفلاشا الأثيوبيين؛ لمواجهة النمو الديموجرافي العربي للشعب الفلسطينى، حين قرر حاخام الطائفة السفاردية، عوفاديا يوسف، اعتبار طائفة "بيتا يسرائيل" الأثيوبية، طائفة يهودية؛ خلافًا للحاخام الأشكنازي شلومو جورين، وتم ذلك على فترات وفق عمليات منظمة، ففي عام 1977 وصلت أول مجموعة من يهود إثيوبيا وعددها 120 شخصًا إلى إسرائيل، ومن عام 1977 وحتى عام 1983، استُجلب 6000 أثيوبي، وفي عملية "موشيه" عام 1984، تم استجلاب نحو 7800 أثيوبي، وفي عملية "سليمان" عام 1991، تم استجلاب 15000 أثيوبي؛ وارتفع عددهم سنة 2008 إلى 106900 مهاجر
عمليات الموساد
وعلى مدى السنوات اللاحقة نفذ "الموساد" العديد من العمليات السرية نقل فيها آلاف الإثيوبيين، ولم تتوقف عملية نقل اليهود الإثيوبيين لكن بوتيرة أقل، وهي مستمرة حتى يومنا هذا، وقد أشارت دائرة الإحصاء الإسرائيلية إلى أن 1467 من يهود إثيوبيا هاجروا في العام 2017 إلى إسرائيل.
واستطردت دراسة مركز عكا، تقف قوات التيجراي على أعتاب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وسط أجواء شديدة التوتر تعم البلاد، وأنباء عن اقتراب سقوط عاصمة ثاني أكبر دول إفريقيا من حيث عدد السكان، وأدى اشتداد القتال في البلاد إلى فرار عشرات الآلاف إلى السودان المجاور، بينما أرسلت إريتريا قوات إلى تيغراي لمؤازرة القوات الإثيوبية، الأمر الذي نفته حكومة أديس أبابا ابتداءً حتى أقر أبيي احمد رئيس الوزراء في 23 مارس 2021 بأن القوات الإريترية دخلت تيغراي، وفي اليوم التالي أعلنت المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان أن جنودًا إريتريين ارتكبوا مجزرة بحق أكثر من مئة مدني في أكسوم.
وأشارت إلى أنه أمام هذه الواقع المعقّد المتشابك في المشهد الأثيوبي طالب قادة يهود الفلاشا في إسرائيل رئيس الوزراء نفتالي بنيت بالاهتمام بحوالي 7 آلاف يهودي من أبناء طائفتهم أسوةً باهتمامه بحياة اليهود الإسرائيليين، إذ أن يهود إثيوبيا يتعرضون لخطر الموت بسبب الصراعات الدامية بين الفرقاء الإثيوبيين، وينتظرون منذ سنوات السماح لهم بالهجرة إلى إسرائيل، وقد تركوا بلدتهم وبيوتهم ويقيمون اليوم في مخيمات قريبًا من مطار أديس بابا، على أمل أن تستجيب الحكومة الإسرائيلية لمطالباتهم بالتوطين في إسرائيل ومنحهم الجنسية وكامل الحقوق المدنية والسياسية، والمساواة مع باقي المهاجرين اليهود الذين تم استجلابهم إلى إسرائيل من مختلف دول العالم.
واعترض مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، على استقدام يهود إضافيين من إثيوبيا، وصاغ موقفه في وثيقة سرية، كشف فيها أنه لا توجد مخاطر تهدد حياة يهود الفلاشا الذين ينتظرون نقلهم إلى إسرائيل، وحذر من أن أي محاولة لتسريع نقلهم، في عملية عسكرية أو جهود دبلوماسية، ستخلق أزمة دبلوماسية مع حكومة إثيوبيا، وتكشف عن عملية نفذت خلال الحقبة الأخيرة من عهد حكومة بنيامين نتنياهو لإنقاذ يهود إثيوبيا انتهت بخيبة أمل.
خداع تل أبيب
وكشف أن الموساد نفذ عملية سرية خلال ولاية نتنياهو، جرى خلالها نقل 77 إثيوبيا، بتكلفة 14 مليون شيكل "حوالي 5 ملايين دولار"، ولكن تبين لاحقا أن غالبيتهم ليسوا يهودا وأنه يوجد بينهم هاربون من العدالة ومتهمون بارتكاب جرائم قتل، وقد أثار استيعابهم نقاشات حادة في إسرائيل اتهمت وزيرة استيعاب الهجرة، بنينا تامنو – شاتا، وهي نفسها من أصول إثيوبية، بأنها تضلل الحكومة وتتسرع في القرارات وحملوها مسؤولية "المساس بيهودية الإسرائيليين من أصول إثيوبية".
ويختلف اليهود من الأصل الإثيوبي عن بقية اليهود في العالم من عدة نواح، رغم أن التيار الإثيوبي من الديانة اليهودية أحد أقدم فروع اليهودية، وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى تدنى المستوى التعليمي ليهود إثيوبيا وتفاقم البطالة بينهم، وشعورهم الشديد بالعزلة والاضطهاد والتمييز العنصري في كل ممارساتهم اليومية في إسرائيل، ولا يمارسون سوى الأعمال المتدنية، رغم سعي الحكومة الإسرائيلية إلى تجميل هذه الصورة عبر تعيين إثيوبيين في وظائف تستهدف الرأي العام العالمي بالدرجة الأولى، مثل تعيين وزيرة الهجرة في الحكومة الإسرائيلية الحالية وهي من أصل أثيوبي.
يشار إلى أن ملف يهود أثيوبيا كان ولا يزال مفتوحًا للجدل في إسرائيل على جبهتين، الأولى تتعلق بمدى يهوديتهم وجذورهم النصرانية، الأمر الذي دعا بعض الحاخامات إلى تهويدهم من جديد أو عدم الاعتراف بهم كيهود، أما الجبهة الثانية في مدى التعامل معهم بشكل عنصري سافر أدى في كثير من الأحيان إلى احتجاجات كان آخرها وأهمها منتصف عام 2019.