سر رفض المفكرين ترويج الإخوان للخلافة العثمانية
لايرتاح المثقفون والتيارات التنويرية لروايات الإخوان عن الخلافة العثمانية، ويعتبرونها تضليلا ودجلا هدفه الزج بالدين في لعبة قديمة بين التيارات الإخوانية في المنطقة لدفع بعضهم نحو الفوز بكعكة السلطة، ويرفضون فكرة العودة للخلافة في المطلق، ليس فقط لأنها لا تناسب العصر الحديث، لكنها كانت حافلة بالمظالم والديكتاتورية، وكانت على طول الخط ضد الثقافة وحرية الفكر.
يبوح المفكرون بأسرار سقوط الدولة العثمانية يكشفون كيف سقطت ولماذا لا يجب التعويل عليها مرة أخرى، ويوضحون كيف تبنى الدول الحديثة والتناقض بينها وبين والخلافة في نموذجها الذي يحاول الإخوان إحياءه مرة أخرى رغم كل الصعوبات التي تعيشها الجماعة في كل بلدان المنطقة.
سقوط الخلافة
وفي هذا الصدد، قال سامح عسكر، الكاتب والباحث في أصل المعارف، إن سقوط الخلافة العثمانية في عشرينات القرن الماضي، أثر إيجابيا على حركة الفكر، موضحا أنه أثناء وبعد سقوط الخلافة تشجّع المفكرون وأطلقوا العنان لأقلامهم، فظهر الشيخ علي عبدالرازق بكتابه "الإسلام وأصول الحكم" وكذلك فعل الشيخ النائيني بكتابه "تنبيه الأمة وتنزيه الملة" وغيرهم.
وأضاف: الدكتور طه حسين أيضا ظهر في تلك الحقبة - في العشرينات - بكتابه "في الشعر الجاهلي" وهذا يدل على أن الخلافة الدينية العثمانية كانت تضع حواجز على العقل وترهب المفكرين عن استعمال الذهن وتجبر الجميع على الانصياع للخليفة، وأن هذه السلطة الدينية العثمانية كانت عائق كبير ضد التجديد.
سقوط الخلافة العثمانية
وتابع: سقوط الخلافة العثمانية أيضا شجّع مثقفي مصر على تأسيس جريدة السياسة الأسبوعية عام 1926 وظلت منبرا للمثقفين والمجددين طيلة سنوات حتى توقف بضغوط شرسة عام 1933، مضيفا: لولا كان هناك ساسة مستنيرين بمصر وقتها - كأحمد لطفي السيد - ما صمدت تلك الجريدة عاما واحدا.
واختتم: خلاصة التجربة، بأن التجديد الديني لا يمكن دون دعم الحكام والسياسيين، فقرار تنويري واحد يفتح باب الاجتهاد ويحمي المفكرين ويعاقب دعاة التكفير والعنف، بمجهود كل فلاسفة التنوير لمليون سنة، على حد قوله.
مساوئ الدولة العثمانية
وينتقد الكثير من مؤرخي الحقبة العثمانية ممارسات الخلافة العثمانية، وآثرها على المنطقة العربية حتى الآن، وخاصة عدم توافر مقومات الدولة، وعدم فهم الحكام العثمانيين لمهام الحكم، حيث اهتموا بالمدن الساحلية فقط والطرق الخاصة بالتجارة، وتركوا باقي المدن كما هي دون تطوير أو رعاية، وعينوا رؤساء القبائل لإدارة شؤون المناطق دون نظام إداري واضح ومحدد، فتخلفت بلادنا كثيرا ولم يعرف المواطنون الخدمات التي عرفتها بلدان العالم بشكل مؤسسي مثل الصحة والتعليم.
وبحسب الدكتور أشرف مؤنس أستاذ ورئيس قسم التاريخ بكلية التربية جامعة عين شمس المصرية، فمفهوم الحكام العثمانيين للدولة كان مقتصرًا على الدفاع عن الولايات والأمن الداخلي وجباية الضرائب، حتى المرور بالطرق والشوارع فرضوا عليه ضريبة كانت تسمى الحلوان.
كما فرضوا ضرائب أخرى منها ضريبة الميري وتحصل بنسبة 22% لحساب السلطان، وكذلك ضريبة "الكشوفية" وقدرها 16%، وكان يتم أشخاص لتحصيل الضرائب، يدفعونها مقدما للحكومات العثمانية، ثم يحصلونها بطريقتهم بأضعاف قيمتها من الأهالي، مما أدى لفقر الشعوب وتزايد الجهل والمرض ونقص الخدمات وشح الموارد.