الصندوق الأسود.. أخطر رجال القذافي يترشح لرئاسة ليبيا
أفادت مصادر ليبية قريبة الصلة من نظام العقيد الليبي معمر القذافي، بتقديم بشير صالح، أخطر رجال النظام السابق بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في الدائرة الانتخابية سبها.
وجاء إعلان ترشح بشير صالح، لانتخابات الرئاسة الليبية بعد عودته من إقامته في الخارج لمدة 10 أعوام، خشية ملاحقته في الداخل الليبي.
وفي 14 فبراير الجاري، انتشر مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي في ليبيا، يظهر لحظة عودة بشير صالح، على متن طائرة خاصة، وحرص وقتها على عقد لقاء مع أنصاره في مكتب العقيد الراحل معمر القذافى في سبها، واليوم، قرر الترشح لانتخابات الرئاسة الليبية وقدم أوراق ترشحه رسميًّا.
محاولة اغتيال بشير صالح
ونجا بشير صالح من محاولة اغتيال فى 2018، بعد تعرضه إلى إطلاق رصاص من قبل مسلحين مجهولين قرب مقر إقامته بجوهانسبورج عاصمة جنوب أفريقيا، ما أدى إلى إصابته برصاصتين، نقل على إثرهما إلى المستشفى، في حادث لم تتضح ملابساته بعد ما إذا كان محاولة اغتيال لدوافع سياسية أو جريمة جنائية، خاصة أنه جاء بعد أقل من أسبوعين على استقالة جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا وقتها، الصديق المقرب لبشير صالح.
وبشير صالح الذي عمل سكرتيرًا للقذافي، يوصف بأنه الرجل الذي يمتلك مفاتيح خزانة أموال عائلة القذافي المفقودة في أفريقيا، والوحيد المطلع على حجم الأرصدة الليبية فيها، وأثار ضجة في ليبيا، ولم تتوقف التكهنات والشكوك حول دوافع الاغتيال، فطرح العديد من الليبيين فرضيات حول ضلوع بعض الجهات الخارجية في محاولة تصفيته والتخلص منه، في إطار مخطَّط للاستيلاء على أملاك وأموال ليبيا في أفريقيا، وطمس المعلومات التي يمتلكها.
ويعد بشير صالح، أبرز رجال النظام الليبي السابق الذي كان يحظى بثقة العقيد الراحل معمر القذافي، حيث اشتغل معه لمدة 35 عامًا، ويوصف بأنه "الصندوق الأسود" الذي يتكتم على تفاصيل وقيمة الاستثمارات والأموال الليبية الموجودة في بنوك الدول الأفريقية، ويحمل أسرار عائلة القذافي المالية التي كان مسؤولًا عن إدارتها.
محفظة ليبيا
وتولى صالح حتى سنة 2009، إدارة محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار، وهي صندوق مالي ضخم، تم تأسيسها في إطار سياسة توجه ليبيا نحو إفريقيا، ووقع تكريس رأسمالها للاستثمارات الليبية في القارة، حيث تنشط في أكثر من 25 بلدا إفريقيا في مجال الفنادق والنفط والبنية التحتية والعقارات إلى جانب الاتصالات والبنوك خاصة مصرف الساحل والصحراء للاستثمار والتجارة والذي يتواجد في حوالي 10 دول إفريقية، وتملك ليبيا 45 في المئة من رأسماله.
وتعود علاقة بشير صالح (75 سنة) بمعمّر القذافي إلى منتصف القرن الماضي، حيث زاول تعليمه الابتدائي جنبًا إلى جنب معه في مدرسة بمدينة سبها جنوب ليبيا، قبل أن ينتقل للدراسة في طرابلس أين تحصل على دبلوم في العلوم والرياضيات، وتم تعيينه مدرّسا بمدينة مرزق سنة 1967.
وفي السبعينيات وبعد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969، وقع تعيين بشير صالح سفيرا لليبيا في دولة تنزانيا، وطلب منه القذافي التخصص في منطقة إفريقيا ما وراء الصحراء، قبل أن يعينه في 1990 أمينا عاما للعلاقات الخارجيّة بمؤتمر الشّعب (البرلمان)، وفي 1994 صار رئيسا لجهاز المراسم العامّة، وهو المنصب الذي مكنه من توسيع علاقاته في إفريقيا وخارجها.
في سنة 1998 عين القذافي بشير صالح رئيسا لمكتبه الخاص، ومكلفًا بمهمات خاصة، كما كان صالح وراء تأسيس "محفظة ليبيا إفريقيا للاستثمار" التي تولى إدارتها حتى عام 2009.
ثورة فبراير
بعد أشهر من اندلاع الثورة، سلّم بشير صالح نفسه للثوار في العاصمة طرابلس، قبل أن يغادرها بتدخل فرنسي وتدّخل من رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما إلى تونس، ثم إلى باريس، لينتقل بعدها إلى جنوب أفريقيا التي منحته الإقامة الدائمة.
وبعد سنوات من الاختفاء، استمرت ما بين 2011 إلى نهاية 2016، بدأ صالح يظهر منذ العام الماضي في وسائل الإعلام، سواء للرد على الاتهامات التي وجهت إليه بالضلوع في عملية تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونفيه علاقته بذلك، أو للحديث عن الأزمة الليبية، كما أعلن عن دعمه لسيف الإسلام القذافي من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية، وقال إنه "قادر على إدارة ليبيا وإيجاد حلول لأزمتها الحالية، لأنه كانت له محاولات سابقة موفقة".
وبسبب الاشتباه في علاقته بتمويل حملة ساركوزي، أدرج القضاء الفرنسي اسم بشير صالح في التحقيق الذي يجريه منذ 2013، كما أنه مطلوب في فرنسا بخصوص عملية بيع مشبوهة وقعت سنة 2009 لفيلا تقع في موجان، في الريفييرا الفرنسية بحوالي 10 ملايين يورو، والتي اشترتها محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار التي كان صالح يتولى إدارتها.