زي النهاردة من 67 عاما.. عزل اللواء محمد نجيب من الرئاسة
على مدار عامين أو يزيد قليلًا، اشتد الصراع بين جمال عبد الناصر واللواء محمد نجيب على السُّلطة بعد أن تم اختيار اللواء محمد نجيب ليكون أول رئيس جمهورية لمصر، وكانت نتيجة الصراع إعفاء نجيب من منصب رئيس الجمهورية في مثل هذا اليوم 14 نوفمبر 1954، وإبقاء منصبه شاغرًا وتحديد إقامته فى فيلا زينب الوكيل بالمرج.
سبق قرار إعفاء الرئيس محمد نجيب من منصب رئيس الجمهورية، بوادر تدل على بداية الأزمة منذ خرج اللواء نجيب من منزله بشارع سعيد بحلمية الزيتون إلى مكتبه بقصر عابدين.. وبمجرد وصوله فوجئ بالصاغ حسين عرفة من البوليس الحربي، ومعه ثلاثة ضباط وعشرة جنود يحملون الرشاشات، وقالوا له إن لديهم أوامر بدخول مكتبه، واتصل بعبد الناصر، فحضر عبد الحكيم عامر، وقال له: (لقد قرر مجلس قيادة الثورة إعفاءكم من رئاسة الجمهورية، وإن الإقامة في فيلا المرج لن تزيد عن أيام)، فرد عليه نجيب: أنا لا أستقيل، أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا.
محمد نجيب فى فيلا المرج
خرج محمد نجيب من مكتبه في هدوء مع حسن إبراهيم في سيارة إلى فيلا المرج.
لم يكن قد مضى على تعيين نجيب منذ إعلان الجمهورية أكثر من تسعة أشهر، حتى قام الصراع، وهو ما عُرف بـ"أزمة مارس"، وانقسم أعضاء مجلس قيادة الثورة إلى فريقين، وتولى مجلس قيادة الثورة سلطات رئيس الجمهورية، وحتى صدور دستور 1956 الذى تضمن الاستفتاء على المنصب.
يروي اللواء محمد نجيب فى مذكراته عن ذكرى اعتقاله التى نشرها فى كتاب بعنوان "كنت رئيسًا لمصر"، فيقول: بمجرد وصولى فيلا الوكيل سارعت قوة الحراسة بالانتشار حول الفيلا ومصادرة أثاثها، كما صادرت أوراقه وتحفه ونياشينه التي كانت في بيته، وتركوا له في الفيلا سريرًا متواضعًا، وكانت كل تسليته قراءة القرآن الكريم وقراءة الكتب وتربية الكلاب والقطط التي قال عنها إنها أكثر وفاء من البشر.
وأضاف اللواء نجيب في مذكراته: أعطيت لمصر كل ما أملك من حب وإخلاص ووفاء، وفعلت المستحيل لينصلح حالها ولترفرف الديمقراطية إلى جانب علمها، وإذا كنت قد أخطأت فبحسن نية وجلَّ مَن لا يُخطئ، كما أن خطأى لم يكن سوى قطرة ماء إذا ما قورن بمحيط العذاب الذي غرقت فيه من يوم خرجت من قصر عابدين، وحتى أكتوبر 1983 لمدة 29 عامًا، لم أتركها لكن عندما حصل ورثة زينب الوكيل على حكم باسترداد الفيلا أعطانى حسنى مبارك شقة نُقلت إليها في محيط قصر القبة.
نجيب يهتم بالقطط والكلاب
خرجت من الفيلا، وقد أكلها الصدأ والإهمال وراحت أشجارها وخضرتها، وانتشرت فيها الحشرات والثعابين والأتربة، قضيت السنوات على سرير قديم فى حجرة صغيرة وحولى قططى وكلابى والأدوية التى استعملها والكتب التى أقرأ فيها فى كل نواحى المعرفة والأوراق التى أدوِّن فيها كتاباتي؛ فقد كتبت في جميع فروع المعرفة في الأدب والطب والتاريخ واليوجا والفلك والاقتصاد، عشت فى هذه الحجرة، ومعى في الفيلا خادمتى المخلصة فتحية وأنا أحمل لقب أول رئيس جمهورية لمصر.