رئيس التحرير
عصام كامل

كيف ساهمت الإخوان في تشرذم المسلمين وإبعادهم عن المدنية والحداثة؟ ‏

شعار الإخوان
شعار الإخوان

لم يعرف المسلمون تشرذم وتفكك وتشظي إلى جبهات متعددة كما حدث لهم منذ ظهور جماعة الإخوان الإرهابية، ومن خرج من ‏عبائتها من تيارات دينية فرضت وصايتها على الإسلام والمسلمين، وجعلت من الدين مطية للوصول إلى أهدافها، فعطلت ‏الديمقراطية التي كانت ناشئة في مصر وتنضج على مهل منذ أواخر القرن التاسع عشر، كما أقصت صور الحداثة من البلاد ‏بداعي البدع المحرمة في الدين. ‏

وتفرض الإخوان رؤيتها على المسلمين وتعبر كل من هو بعيد عن الجماعة لايعرف الإسلام الحقيقي حتى لو اعترفت أمام ‏الكاميرات بغير ذلك، فكل من اطلع على أوراقها الدعوية والفكرية يدرك حجم التوحد الذي أصاب الجماعة وأورثته للتيارات ‏الدينية، فكل خارج عنهم هو ضال مطلوب تعنيفه أو تشويهه وخاصة لو كان ينتمي إلى أحد التجمعات الفكرية أو السياسية ‏المناهضة والرافضة لهم. 

ولم تعتبر الآخوان من تسبب هذه الرؤية في تشتت صفوفها الداخلية، بعد كل أزمة تضربها كما هو حادث ‏الآن، حيث انقسمت الجماعة إلى أكثر من جبهة، بسبب الخلاف على الرؤى والمصالح، وادعاء كل طرف أنه صاحب الحقيقة ‏المطلقة وغيره ضال وحاد عن الطريق الصحيح. 

الإخوان والإسلام ‏

يرى الدكتور جمال السويدي، الكاتب والباحث جماعة الإخوان الإرهابية، أن الإخوان من أهم سبب تفرق المسلمين وتشرذمهم ‏في العصر الحديث ‏بسبب إصرارها على تسويق التنظيم باعتباره الإسلام ومن خرج عنه، لا يعرف للإسلام سبيلا.‏

وأوضح السويدي، أن الإخوان سوقت لأعضائها ولكل من علاقة بها، وفي موادها المكتوبة والمسموعة والمرئية، أنه حتى ‏تكون ‏مسلما يجب عليك أن تكون من جماعة الإخوان، فهي كما سوقها حسن البنا مؤسس التنظيم،  دعوة سلفية، وطريقة سنية، ‏وحقيقة ‏صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية. ‏

وأضاف: هذا الفكر الضيق، أدى إلى تقسيم المجتمعات والانحياز ضد الاقليات، وإعطاء الأولوية لقضايا جدلية بطبيعتها، ‏مثل ‏أسلوب لبس المرأة وعملها وموقفها من الحياة. ‏

واختتم: استمرار الإخوان وأنصارها وأخوتها من تيارات الإسلام السياسي يساهم في تضخم المشكلات المجتمعية، ‏وخاصة ‏الناتجة عن التنوع، الذي من المفترض أن يكون مجالا للمساهمة في الاستقرار والتسامح لا العكس على حد قوله. ‏

صراع جبهات الإخوان ‏

وكانت الأيام الماضية ‏شهدت ‏صراعًا ‏داميًا ‏أظهر ‏على ‏السطح ‏ما ‏كان ‏يدور ‏في ‏الخفاء ‏طوال ‏الأشهر ‏الماضية ‏داخل ‏جماعة ‏الإخوان، ‏وبرزت ‏مؤشرات‏ ‏محاولة ‏انقلاب ‏تاريخية ‏من ‏الأمين ‏الأسبق ‏للجماعة ‏محمود ‏حسين، ‏على ‏إبراهيم ‏منير، ‏القائم ‏الحالي ‏بأعمال ‏مرشد ‏الإخوان، ‏بسبب ‏إلغاء ‏منصب ‏الأمين ‏العام الذي كان ‏يحتله ‏حسين ‏منذ ‏سنوات ‏طويلة.  ‏

تجريد محمود ‏حسين ‏من ‏كل ‏امتيازاته، ‏دعاه ‏هو ‏ورجاله ‏للتمرد ‏والاستمرار ‏في ‏مواقعهم ‏بدعوى ‏حماية ‏الجماعة ‏والحفاظ ‏عليها، ‏وهو ‏نفس ‏المبرر ‏الذي ‏دعاه ‏لرفض ‏سبع ‏مبادرات ‏فردية، ‏كما ‏رفض ‏المبادرات ‏العشر ‏التي ‏قدمت ‏في ‏عام ‏‏٢٠١٦ ‏من ‏القرضاوي ‏والشباب ‏وغيرهم ‏تعسفًا ورفضًا لأي ‏تغيير.‏

مصادر تمويل الجماعة

وعلى جانب ‏آخر، ‏تحرك ‏إبراهيم ‏منير، ‏المدعوم ‏من ‏القيادات ‏الشابة ‏بالجماعة ‏ومصادر ‏التمويل، ‏وأطلق ‏العنان ‏لرصد ‏كل ‏انتهاكات ‏الحرس ‏القديم، ‏الذين ‏أداروا ‏الإخوان ‏طيلة ‏السنوات ‏السبع ‏العجاف ‏الماضية.‏

‏ورفض ‏منير ‏ما ‏أعلنته ‏رابطة ‏الإخوان ‏بتركيا، ‏وأعلن ‏تمسكه ‏بنتائج ‏الإنتخابات، ‏وأحال ‏‏6 ‏من ‏قيادات ‏الجماعة ‏على ‏رأسهم ‏محمود ‏حسين ‏للتحقيق، ‏بسبب ‏رفضهم ‏تسليم ‏مهامهم ‏للمكتب ‏المشكل ‏حديثًا، ‏الذي ‏أصبح ‏لأول ‏مرة ‏تابعًا له، بعد ‏أن ‏كان ‏جزيرة ‏منعزلة ‏عن ‏التنظيم ‏منذ ‏عام ‏‏2014. ‏

وبعد رفض القيادات ‏المثول ‏للتحقيق ‏واستمرارهم ‏في ‏الحشد ‏لعزل ‏منير، ‏أصدر ‏قرارًا ‏جديدًا ‏بطرد ‏قادة ‏التمرد ‏من ‏الجماعة، ‏في ‏محاولة ‏لإنهاء ‏فصل ‏من ‏فصول ‏الصراع ‏الداخلي ‏للإخوان، ‏الذي ‏صاحب ‏التنظيم ‏طوال ‏تاريخه ‏ولا ‏يزال ‏مستمرًّا ‏حتى ‏الآن.‏‎ ‎

لكن ‏القيادات ‏المعارضة ‏لمنير ‏نجحت حتى الآن في ‏فرض ‏رؤيتها ‏على ‏الجماعة، ‏وما ‏زال ‏الموقف ‏معلقًا ولم يحسم لأي ‏من ‏الطرفين.‏

الجريدة الرسمية