سر استقطاب التيارات الجهادية للجهلاء وبسطاء المعرفة
يقتل دون تفكير ولا يراعي حرمة الدماء، يتبع التيارات الجهادية الإرهابية ويفجر نفسه دون شفقة أو رحمة بأهله أو حتى بجسده الذي يرهنه لأفكار شاذة على المجتمع الإنساني، هكذا هو التكفيري الذي يكون غالبا لا يقرأ ولا يكتب، وهو المادة الخام دائما في قاعدة أي تنظيم حركي يعتمد على طاعة الأمر، فلا عقل لهؤلاء يمكنهم من وزن هذه القرارات جيدا قبل تنفيذها.
مشهد عبثي للداعشيين
يخرج الملثمون الداعشيون على الطريقة الهوليودية للاستعراض والتباهي بقتل وتصفية ضحاياهم لإثارة الرعب والفزع في النفوس، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة عن الكيفية التي حصّل بها هؤلاء علومهم الشرعية، ولماذا لا يحمل أغلبهم شهادات من هيئات شرعية معروفة وموثوقة!
مواجهة التطرف الفكري
بحسب العديد من الدراسات التي أنتجتها جهات رسمية معنية بعلوم الدين، فالتطرف نادرا ما ينبت من هيئة شرعية تعلم جيدًا أصول الدين، بل هو أيدلوجيا لديها القدرة على الترويج لنفسها وتمرير أفكارها في ظل غياب المواجهة العلمية والفكرية اللازمة، وخاصة في الدول التي تهدمت بسبب الصراع السياسي مؤخرا.
ولا يحتاج التطرف من الشاب أكثر من أن يكون لديه ميول وعاطفة دينية يركز عليها بشدة، وتفضل الجماعات شديدة العنف انتقاء عناصرها من الجهلاء الذين لا يملكون إلا عاطفة دينية مجردة من الوعي، بحيث يمكن استغلالهم جيدا، وإقناعهم بنظرية المؤامرة على الدين، والنفخ فيها بشدة لتصبح هي قضيتهم الأساسية.
العواطف الدينية
بحسب دراسة خرجت مؤخرا من رابطة العالم الإسلامي، أغلب إرهابيي القاعدة وداعش لا يملكون في أرشيفهم الدراسي أكثر من شحنات بالعواطف الدينية وفي المقابل لديهم ضعف شديد في تحصيل العلم الديني.
وتوضح الدراسة أن أكثر هذه العناصر لا يهتمون أصلا بتحصيل العلم الديني، ولا يستطيعون النقاش في الدين أمام أي متخصص، إذ يشكل تفكيرهم بعض المعلومات الدينية المتطرفة التي دستها التنظيمات في عقولهم، تناقش العموميات بسطحية شديدة وجهل.
وتقول الدراسة أن داعش والقاعدة على وجه التحديد لديهم 85% من مقاتليهم لا يعرفون الدين إلا من خلال محتويات تهيج العواطف، ولكنهم لا يفقهون في الدين ولا يملكون أي شهادات علمية في دراسته.
أما الـ 15% الباقية، فهم نخبة التنظيم والمنظرين الفكريين له، وأغلبهم أيضا بدأ مشوار التطرف بالتشدد الديني ولم يدرس علوم الدين، وتطور مع الغلو في التدين ليصبح بالشكل الوحشي الذي انتهى عليه، ولا يستطيع أغلبهم التفريق بين الدين والتدين، فالدين يمثل الإسلام، أما التدين يمثل مستوى فهمهم لنصوص الإسلام.
الإسلام السياسي
توضح الدراسة أن أفكار الإسلام السياسي المخادعة هي أخطر أشكال التطرف والمسئول الأول غالبا عن تصدير الشباب العنيف للمنظمات الإرهابية ولاسيما القاعدة وداعش، فأيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي نشأوا في جماعة الإخوان ومنها للقاعدة.
وتؤكد الدراسة أن الأهداف الاستراتيجية للإخوان ـ الجماعة الأم للإسلام السياسي ـ لا تختلف في أهدافها الإستراتيجية عن القاعدة وداعش، وتقترح بجانب مكافحتها أمنيا وسياسيا، تفعيل المواجهة الفكرية والحوار مع الشباب حول أفكاره الدينية، وتنقيتها من الشوائب والشحن الزائد الذي ينتهي بهم إلى مصيدة الإرهاب والتطرف.