هذه هي ضمانات شغل الوظائف القضائية
يتحدث الكثيرون عن المعيار الموضوعي لاختيار أعضاء الهيئات والجهات القضائية، ويتندر البعض بحالات يسمعون عنها يمكن أن ينطبق عليها شروط التعيين دون أن يحالفهم الحظ بالتعيين في الوظائف القضائية، ويسترسل البعض كذلك في الحديث عن أحلام الشاب الطموح الذي لم يُعين رغم تفوقه.. ومن هنا، يجب أن يكون أسلوب الاختيار تحت بصر الجميع، حتى تهدأ الأفئدة، ويلتفت الشباب إلى مستقبلهم الذي اختاره الله لهم، وليس الذي اختاروه لأنفسهم، وليثبت الشاب المتميز الطموح أنه إضافة لجهة عمله أينما كان.
العدل هو أساس السموات والأرض، واسم من أسماء الله الحسنى وهو الوجه الآخر للظلم، وهذا يشير إلى أهمية تحقيق العدل في الحياة والالتزام به، وخاصة في مجال القضاء لأن القضاة هم العدل على الأرض، ويجب أن تقترن العدالة بالقوة بحيث يصبح كل شيء عادلا قويا، وكل قوي عادل
قضاة الحريات
والعدل له أنواع كثيرة فمنها العدل بين المتخاصمين، والعدل في الميزان، والعدل في إعطاء حقوق الناس، فإن العدل هو مطلب مطالب به كل الناس، وخاصة فئة القضاة التي يعتبر العدل وتطبيق العدل هو أساس عملها وسوف تحاسب عليه يوم القيامة، لذلك يقوم قضاة الحريات والمشروعية بتطبيق العدل والمساواة بين جميع أفراد المجتمع.
المادة 73 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته تنُص على أنهُ يشترط فيمن يُعين عضوا في مجلس الدولة:
1ـ أن يكون مصريا متمتعًا بالأهلية الكاملة
2ـ أن يكون حاصلًا على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر العربية
3ـ أن يكون محمود السيرة حسن السمعة
4ـ ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره
مقابلة اللجنة
اجتياز مقابلة اللجنة المشكلة لمقابلة المتقدمين للتعيين بالوظائف القضائية يكون شرطًا لازمًا يضاف لشروط التعيين المقررة قانونًا والسالف بيانها، وأن تلك اللجنة غير مقيدة في اختيار المتقدمين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية المتقدمين إليها، وكانت تلك المهمة لم تتقيد بأي إختيارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر أو عدم توافر تلك الأهلية، كما لم تتقيد بأي ضوابط أخرى، فإن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة.
كما أوجه للقول بأن السلطة التقديرية المقررة لتلك اللجنة تعد إمتيازًا يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة، ذلك لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل علي وجه الدوام واجبًا يبتغي الصالح العام باختيار أكفأ العناصر وأنسبها، وهو أمر سيبقي محاطا بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها وذلك التمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة علي مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى.
السلطة التقديرية
وتلك السلطة التقديرية هي وحدها التي تقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في القانون في شغل الوظائف القضائية وبين فاعلية مرفق القضاء وحسن تسييره فلا يتقلد وظائفه إلا من توافرت له الشروط العامة وحاز بالإضافة إليها الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي علي الوجه الأكمل.
وإذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدي أهليته في تولي الوظيفة القضائية والمشكلة من قمم الجهة التي تقدم لشغل وظائفها، فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطية في التعيين سوي التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع علي عاتقة الطاعن عبء إثبات هذا العيب القصدى أو الشخصي.
ولا غنى عن ترك لأعضاء لجنة الاختيار بما أوتوا من حكمة السنين التي رقت بهم في وظائف القضاء حتى بلغت منتهاها وأضحوا شيوخا لرجال القضاء أن يقيسون عمق شخصية كل متقدم لشغل الوظيفية القضائية لاستخلاص مدي توافر الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي علي الوجه الأكمل والتي يتعذر علي الأوراق والشهادات أن تثبتها أو تشير إليها لاختيار أفضل العناصر لتولي الوظيفة القضائية.
الانحراف بالسلطة
كما يتعذر علي القوانين واللوائح أن تضع لها قيودًا أو ضوابط يمكن التقيد بها، فلا مناص من أن توضع مسئولية إختيار العناصر المناسبة لشغل تلك الوظائف أمانة في عنق شيوخ القضاء يتحملونها أمام الله وضمائرهم ولا معقب عليهم في ذلك من القضاء ما لم يقم الدليل صراحة علي الإنحراف بالسلطة أو التعسف في استعمالها تحقيقا لأهداف خاصة.
ولم يبقَّ إلا أن نؤكد أن أعظم موارد مصر هو العنصر البشري، وأن شبابها المتميزين قادرون على تحقيق أحلامهم، اذا تمسكوا بالعمل الدؤوب والخلق القويم والصبر الجميل، حينئذٍ تأتيهم أرزاقهم المكتوبة ليعيشوا السعادة الحقيقية، ويتيقنوا أنهم لو عاد بهم الزمان فلن يختاروا سوى الواقع.. وللحديث بقية