عندما كانت الصحافة جريمة.. قصة أشهر طلاق في القرن العشرين بين علي يوسف وصفية السادات
قال عنها الكاتب أحمد بهاء الدين إن قضية الشيخ على يوسف وصفية السادات قضية زواج لا غير لكنها أقامت مصر وأقعدتها وقسمت الرأي العام والساسة وأهل الرأي وعامة الناس وكانت محل كثير من المناورات السياسية الدقيقة التي دارت من وراء الستار ذلك أنها كانت صدمة عنيفة للناس في الكثير من معتقداتهم القديمة عن الشرف والحسب والنسب.
وقصة زواج الشيخ على يوسف هي أشهر قضية زواج في القرن التاسع عشر بطلها الرائد الأول للصحافة المصرية الذي ذاع صيته وزاد ماله ففكر في الزواج مرة ثانية بعيدا عن الزوجة التي عاشت معه زمن وأصبحت لا تيق به، وكان لا يعرفه أحد ورغب بمن تليق بالوضع الجديد، وكانت شروطه أن تكون جميلة ثرية من بيت عائلة ذات حسب ونسب.
والحكاية كما رواها الشيخ على يوسف صاحب ورئيس تحرير جريدة المؤيد أنه شاهد صفية بنت السادات وأبوها من الأشراف عند أحد الأصدقاء فأعجب بها وتقدم للزواج من أبيها الشيخ السادات سليل العائلات، ووسط الشيخ على يوسف الوزراء والأعيان لدى السادات حتى يوافق وتمت الخطبة، وقدم الشيخ الهدايا والشبكة، ومرت أربع سنوات دون أن يتم الزفاف والسادات يماطل ويختلق العراقيل، وضاق الشيخ يوسف، ورأى أن الوضع أصبح مهينا لكرامته وأيده بعض أهل العروس في ذلك.
وذات يوم خرجت صفية لزيارة بنات الشيخ المغربى السيد البكرى وهن من أقارب السادات الذى أخبره أن صفية ستكون موجودة عنده وعليه الحضور ليتزوجها سواء رضى السادات أو رفض، وبالفعل وفى بيت البكرى حضر الشيخ على يوسف ومعه المأذون، وعقد القران فى يوليو 1904 وخرجت العروس مع عريسها إلى منزل الزوجية، ولما علم أبوها جن جنونه لهروب ابنته وزواجها بدون علمه وكان أمرا غريبا على العائلة، وقامت الدنيا ولم تقعد.
السادات فى المحكمة
قدم السادات بلاغا إلى النيابة طالبا التفريق بين الزوجين لعدم الكفاءة، واكتشفت النيابة أن العروس صفية بلغت الرشد وحفظ البلاغ، فرفع السادات دعوى أمام المحكمة الشرعية يطالب إبطال الزواج لعدم التكافؤ باعتبار أن العريس وضيع الأصل يمتهن مهنة وضيعة.
وفى الجلسة الأولى طالب القاضى الشيخ أبو خطوة بعودة صفية إلى منزل والدها لحين انتهاء الدعوى ولإثبات الشيخ السادات أنه من نسل سيدنا الإمام الحسين، وليثبت أن حرفة الشيخ يوسف حرفة غير كريمة.
ووافق الشيخ على يوسف ورفضت صفية، وقرر القاضى وقف نظر الدعوى حتى ينفذ حكم القاضى بإرسال صفية إلى بيت أبيها ولو بالقوة، ورفضت أيضا.
ابو خطوة يفسخ العقد
فأصدر القاضى أبو خطوة حكما فى مثل هذا اليوم عام 1904 بفسخ عقد الزواج لعدم التكافؤ لأنها ثرية، وهو من بيئة فقيرة ويعمل جورنالجي.
وقال في حيثيات الحكم إنه ثبت من أقوال الشهود أن نسب السادات ينتمى إلى سلالة الحسين وأن على يوسف ثبت أن جده الرابع كان من أهل الكتاب وهو يمتهن مهنة منهي عنها شرعا كما قال محامى السادات.
والغريب أن الشيخ على يوسف نشر خبر التفريق في صدر الصفحة الأولى للمؤيد فى نفس يوم صدوره 25 أكتوبر 1904، وترك للقراء رأيهم في الحكم.
عودة الزواج
وبعد أن هدأت الأمور أحس السادات بأن كرامته قد ردت إليه بالحكم، وذهب إليه الشيخ على يوسف لكى يعيد إليه زوجته فوافق السادات، وعقد الشيخ يوسف عليها من جديد لتعود صفية إلى بيت زوجها.
قال الشيخ على يوسف: “عشنا معا وأنجبنا ثلاث بنات لكن صفية تحولت إلى زوجة نكدية لإحساسها بوجاهتها الاجتماعية بعد أن كبرت ولا تختلف عن الست الأولى وكنت أهجر منزل الزوجية حتى آخر الليل حتى أسلم من لسانها الطويل”.