رئيس التحرير
عصام كامل

الطريق إلى نصر أكتوبر

كان من أهم أسباب عدوان يونيه هو النجاحات التى تنبئ عن صعود مصر إلى عالم الدول المتقدمة، لهذا بدأت الدولة إتخاذ الكثير من القرارات التى بها تستعد للمعركة الفاصلة لتحرير الأرض، وبعيدا عن محاولات الدعم من التبرعات للمجهود العربى الذى كان يبدأ من قرش صاغ فى المدارس والجامعات، إلى تجربة بعض الفنانين الذين إجتهدوا فى دعم المجهود الحربى سواء بالتبرع المباشر أو التبرع بدخل الحفلات مثل تجربة أم كلثوم الفريدة، ولكن كانت هناك سياسة الدولة التى رفعت شعارات مهمة مثل "لا صوت فوق صوت المعركة"، و"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" ومن هنا إتخذت الحكومة عددا من الخطوات مع مراعاة عدم المساس بقدر الإمكان بحق الشعب فى توفير كافة السلع الاساسية.

 

 

أول خطوة كانت بالتحديد في 15 يونيو أي بعد النكسة بأيام، حيث إتخذت وزارة الخزانة قرارا بتزويد القوات المسلحة ووزارة الانتاج الحربي وفروعها بكافة ما يقع عليه الاختيار من موجودات المخازن، وبدون ثمن، وفى  25 يوليو، أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بفرض ضريبة للدفاع، تضاف على أجرة محال الترفيه والملاهي والمسارح وهي ضريبة تتراوح بصفة أساسية بين 5 مليمات إلى 70 مليما لكل تذكرة، روعي فيها تخفيف الأعباء على المواطن البسيط، وفى نفس اليوم أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا آخرا بخفض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التي تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين في الدولة، فيما عدا بدل السفر ومصاريف الإنتقال الفعلية وإلغاء إعانة غلاء المعيشة.

أعظم مشروع 

 

وفي 7 نوفمبر من العام ذاته، أعدت وزارة التخطيط دراسة مهمة لتوجيه الإقتصاد وقت الحرب، وأكدت على ضرورة تخفيض الإستهلاك من السلع والخدمات.

ومن المظاهر الجميلة فى المجتمع إن هناك حالات فردية للتبرع للمجهود الحربى بدون إعلان، في إطار ذلك أعلنت وزارة النقل يوم 18 سبتمبر 1967، عن تبرع بعض العاملين بالوزارة لتدعيم المجهود الحربي، بمبلغ 96 جنيها، وهي عبارة عن مرتب شهر لـ3 مهندسين.

 

المفاجأة إن الدولة لم تتراجع فى تنفيذ خططها في كافة المجالات، فلم تتوقف المدارس حيث عاد التلاميذ إلى المدارس فى المواعيد العادية، والجامعات عادت الدراسة فيها بشكل طبيعى، أما بناء السد العالى فلم يتوقف وإستمر العمل فيه بنفس المعدلات، بل بدأت خطة الإستفادة من السد العالى فى توصيل الكهرباء إلى الريف، بل إنه تم الانتهاء من بناء السد فى 23 يوليو 1970، وأصبح إعتماد مصر على الكهرباء التى تولد من السد 75 % فى عام 1970، وبالتالى نجحت مصر في إتمام السد العالى فى الجدول الزمنى الذى تم وضعه عندما بدأ العمل فيه، وأصبح بعد ذلك السد العالى أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين، بالإضافة لفوائده الكثيرة من تنظيم الدورات الزراعية، وحماية مصر من فيضان كل عام، وإنارة قرى ونجوع مصر.

 

تنمية الصعيد

 

لم تتوقف عجلة البناء، وإستمرت خطة الدولة في بناء المصانع من أجل التطوير الدائم للصناعة، وهنا سنضرب مثالا لنؤكد به نجاح الدولة فى كافة المجالات، تم إقامة مجمع الألومنيوم بنجع حمادى بمحافظة قنا، والذى يعد أكبر قلعة صناعية فى إفريقيا والشرق الأوسط لصناعة الألومنيوم، هذه القلعة تم إقامتها فى عام 1969، والرائع إن هذا المصنع تم لإستغلال الطاقة الكهرومائية التى تولد من السد العالى، وعندما بدأ المصنع كان يضم 6500 عامل، ويقع على الظهير الصحراوى بمساحة خمسة ألآف فدان، وتم إعداد وحدات سكنية للعمال وعائلاتهم وتم توفير كافة الإحتياجات المعيشية للعاملين، من مساحات زراعية ومدارس ومعاهد ونادى الألومنيوم، هذا الصرح غير مسبوق بدأ بإنتاجية 320 ألف طن سنويا، يتم التصدير 50 % مبدئيا، وهناك بعض المنتجات يصل التصدير فيها يصل إلى 95% من الإنتاج وهنا بنسب تتراواح بين 50% إلى 80%، وهذا أحد مصادر العملة الاجنبية لمصر.. السؤال لماذا هذه القلعة الصناعية الجبارة ولماذا قنا؟!

 

الإجابة إن إقامة السد العالى كان من نتائجه هو بناء المصانع بصفته الممول الأول للطاقة، تم إختيار نجع حمادى لقرب المسافة مع السد العالى، وأيضا ليتم خلق ورفع مستوى الحياة فى الصعيد، والأهم خلق فرص عمل لشباب مصر الذى نشاء فى حلم ثورة 23 يوليو، فليس أمر سهل إقامة مشروع يوفر ستة ألآف وخمسمائة فرصة عمل وتوفير مساكن لأسرهم وتوفير كافة احتياجات أسرهم، إنها التنمية فى كافة المجالات على رأسها البشرية.

الجريدة الرسمية