فيلم ريش Feathers.. هل اعتمد على الصدمة بالانتحار ودمج الواقعية بالفانتازيا ؟
حالة الجدل التي أثارها فيلم ريش Feathers، لم تكن فقط بسبب ما رآه بعض الفنانين ممن انتقدوا العمل بأنه يقدم صورة مسيئة لمصر، ولكن على المستوى الفني، كانت الطريقة التي قدم بها المخرج عمر الزهيري عمله، جديدة ومبتكرة فنيًّا، حيث أخذ أداء الممثلين في العمل الطابع التسجيلي رغم أن الفيلم مصنف كفيلم روائي طويل.
مشهد الانتحار
راهن فيلم ريش في البداية على أسلوب الصدمة، وهو ما تحقق بالفعل من مشهد البداية، حيث بدأ بمشهد الانتحار وبطريقة تعتبر من أبشع الطرق التي يقدم فيها أحد على قتل نفسه، وهو أسلوب الحرق، دامجًا بين المؤثر البصري لشخص يحترق والأداء الصوتي للصراخ، وكأن المقدم على الانتحار تراجع عن قراره بعد فوات الأوان، طالبًا النجدة بأن يتدخل أحد لإنقاذه.
وعن تلك البداية، كشف المخرج بنفسه، خلال ندوة نقاشية، حول الفيلم، ضمن فاعليات مهرجان الجونة بدورته الخامسة، والتي يشارك فيها الفيلم ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، إنه بدأ فيلمه بمشهد الانتحار كي يدل على أن هناك أشخاصًا معرضون لهذا الأمر وأنهم دائمًا لا يعرفون ماذا يفعلون فيقومون بالتخلص من حياتهم.
الواقعية والفانتازيا
صدمة أخرى اعتمد عليها الفيلم، وهي التحول الحاد ما بين الواقعية المفرطة، إلى الفانتازيا، من خلال الأحداث التي انقلب فيها حال الأسرة رأسًا على عقب، من أب وأم وأطفال، يسعى الأول بالكاد توفير متطلبات أسرته اليومية، بمساعدة الأم، إلى أن تقرر الأسرة الاحتفال بعيد ميلاد طفلها، وفي الفقرة الثابتة بأعياد الميلاد خاصة للطبقات المتوسطة أو محدودة الدخل، وهي فقرة الساحر، الذي يحول الأب لـ «دجاجة»، ويفشل في استعادته لهيئته الأولى مرة أخرى، وبعدها يختفي الساحر تاركًا رب الأسرة في صورة فرخة، لتبدأ بعدها معاناة الأم مع أحداث الفيلم.
أبطال فيلم ريش
طيلة أحداث الفيلم، لم يكن أداء الشخصيات في الفيلم معتمدًا على الأداء التمثيلي، والتعبيرات سواء بالوجه أو حتى التعبيرات الصوتية، ولعل هذا ما جعل مخرج فيلم ريش، أن يسند البطولة لأشخاص ليس لهم خبرات تمثيلية سابقة، وهو ما أكده الناقد الفني طارق الشناوي، الفيلم واقعي، ويجسد حالات موجودة بالفعل، والقيمة الفنية فيه نابعة من أن الفيلم لا يعتمد على الممثل قدر ما يعتمد على القصة والمضمون، حتى إن العمل لم يُظهر مكانًا أو فترة زمنية بعينها تقع فيها الأحداث.
دميانة نصار
بالنسبة لبطلة فيلم ريش Feathers، دميانة نصَّار أو المعروفة في الفيلم بـ «أم ماريو»، خلال الربع الأول من الفيلم أي ما اقترب من الـ30 دقيقة، ظهرت وكأنها تؤدي دور كومبارس صامت، ولكنها كانت معتمدة في تجسيدها الحركي للتعبير عما تعانيه وأسرتها من الفقر والحاجة، والمفاجأة أن بطلة الفيلم وفق ما روته بنفسها أنها أُمية، لا تجيد الكتابة والقراءة، إلا أن الزهيري برؤيته الخاصة لم يعترض نهائيًّا رغم علمه بعدم قدرتها على القراءة والكتابة، وروت نصَّار: "قابلت الأستاذ عمر وقلت له أنا ما بعرفش أقرأ ولا أكتب، قال لي عادي وفهِّمني الدور كويس، ومثلته".
قصة فيلم ريش
فيلم ريش اشترك في كتابته بجانب المخرج عمر الزهيري السيناريست أحمد عامر، وتدور قصته حول أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها، حياة لا تتغير وأيامًا تتكرر بين جدران المنزل الذي لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه، وذات يوم يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل في إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثًا عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة، وخلال هذه الأيام الصعبة تمر الزوجة بتغير قاسٍ وعبثي.
الفيلم من إنتاج الفرنسيين جولييت لوبوتر وبيير مناهيم من خلال شركة Still Moving، بالمشاركة مع Lagoonie Film Production للمنتجة شاهيناز العقاد، وفيلم كلينك والمنتج محمد حفظي.
مهرجان كان السينمائي
في يوليو الماضي فاز الفيلم بجائزة مسابقة أسبوع النقاد في الدورة الـ74 من مهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا.
تكريم وزيرة الثقافة
وفي أغسطس الماضي، كرمت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، صناع فيلم ريش، وذلك خلال الاحتفالية التي نظمها المركز القومي للسينما برئاسة السيناريست محمد الباسوسي بقاعة ثروت عكاشة بالمركز القومي للسينما، مؤكدة أن الفوز بالجائزة يعد إنجازًا تاريخيًّا باعتباره أول فيلم مصري يحصل عليها خاصة وأنها المشاركة الأولى بهذه المسابقة، مشيرة إلى أن الجائزة تعد خطوة جديدة على طريق استعادة الريادة المصرية في مجال السينما، مشيدة بالمستوى الفني المميز للفيلم.