هل يجوز بناء المقبرة من الرخام؟
سأل سائل قائلا: هل يجوز أن نقوم بعمل مقام للمتوفي وهل يجوز بناء المقبرة بالرخام أم أن هناك شروطا لبناء المقبرة ؟ وأجاب الدكتور صبري عبد الرءوف أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهرـ رحمه الله ـ فقال:
عمل الرخام في المقابر منهى عنه شرعا لما فيه من إسراف وتبذير وضياع المال في غير ما شرع الله سبحانه وتعالى، ولا يصح لأى مسلم أن يفعل ذلك، لأن القبور إذا تحولت الى رخام أصبحت أماكن للترف والنعيم إضافة إلى إسراف المال في غير ما شرع الله.
وإذا كان الأكل والشرب وهو حلال فقد حذرنا الله من الإسراف فيه فكيف بـ المقابر التي ينبغي ان تكون مكان عظة وعبرة يقول تعالى (ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا )، وقال تعالى " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ".
فتوبوا الى الله واستغفروا الله ولا تفعلوا مثل هذه الأعمال التي يقصد منها التباهي والتفاخر والمباهاة فإن الله تعالى يقول: " إن الله لا يحب كل مختال فخور ".
أما بناء المقام للميت فإنه لا يجوز شرعا لأن مكانة الميت إنما تكون بحسن علاقته بالله عز وجل وإخلاصه له في القول وفي العمل.
التفاخر والتظاهر
أما أن يقام مدفن خاص أو مقام خاص ليأتي الناس لزيارة صاحب القبر والتبرك به فهذا أمر يرفضه الإسلام تماما، وكان الأولى بذلك أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وتحملوا أعباء الدولة الإسلامية ونشروها شرقا وغربا.
إلا أنه لم يثبت أن واحد منهم أقيم له مقاما لزيارته والتبرك به، بل تركوا أعمالهم عند الله ليجنوا ثمار ما زرعوه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
المقبرة الوقف
وقالت دار الإفتاء المصرية في فتواها: إن الدفن حق للميت يحفظه من الإساءة ويحفظ الأحياء منه، وللقبر ضوابط وقيود جاء بها الشرع، منها أن الأصل أن يرتفع بمقدار شبر فقط، ليعرف ويزار، ولا بأس في الكتابة عليه، أما مازاد على ذلك ففيه تفصيل تبعا للمقبرة الموجود بها.
فإذا كان القبر في مقبرة مسبلة ـ أي موقوفة على عامة المسلمين أو فئة منهم ولم يكن هنالك ضرورة تستدعي البناء عليه كخوف سرقة القبر، أو نبش الحيوانات، فيحرم البناء عليه؛ لأن في ذلك تضييقًا على المسلمين، وحرمانهم من مكان القبر بعد أن يبلى الميت؛ لوجود البناء عليه، وهذا معتمد المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية والمالكية، والشافعية والحنابلة.
هدم بناء
قال الخطيب الشربيني: "لو بني عليه في مقبرة مُسبلَة - وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها-هدم البناء؛ لأنه يضيق على الناس، ولا فرق بين أن يبني قبة، أو بيتا، أو مسجدًا، أو غير ذلك".
