كيف تكتسب خلقًا من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؟
تتعدّدُ الوسائلُ التِّي يُمكِن للمُسلم من خلالها أن يكتسبَ خُلُقًا من أخلاق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومنها:
التّمَرُّن عمليًّا على حُسْنِ الخُلُق: يتَعيّنُ على المسلم حتى يكتسب خُلُقًا من أخلاق النبيِّ -صلّى الله عليه وسلم- أن يتدرّب على ذلك الخُلُق، ويحاول أن يطبّقَه على أرض الواقع، ولا يضُرُّ التّكَلُّف في بداية الأمر حتى يصير ذلك الخُلُق هيئةً راسخةً في النّفْس.
مخالطة أصحاب الخُلُق الحسن
مخالطة أصحاب الخُلُق الحسن: فمن طُرُق التَّخلُّق أن يحيط الإنسان نفسه بأهل الخُلُق حتى يتطبَّع به، ويقلّدهم فيه فيكتسب هذه الأخلاق، ومن هنا أتَتْ دعْوةُ النّبِيّ -عليه الصلاة والسلام- للحرص على الجليس الصّالح.
اللُّجوء إلى الله بالدعاء ليمنّ عليه بهذا الخلق.
استحضار اتّصافِ النبيّ بهذا الخلق، وتخلُّق من بعده من الصّالحين به، فإن استحضار مواقف النّبيّ وأخلاقه يجعل نفسَ المسلمِ مُتواضعةً منكسرةً أمامها، فينعدمُ الكِبْر وتركُ الحق عنده، ويساعد على ذلك قراءة السيرة النبوية والشمائل والتعرّف على أخلاق النبيّ وصفاته الخُلُقية وسلوكه.
التواصي بحُسْنِ الخُلُق: ويكون ذلك بالدَّعْوة إلى الأخْلاق الحسنة، وبيان الأخلاقِ السَّيّئة وتداعياتها، والنصح لسيِّء الأخلاق بتركها، وهذا من التّواصي بالحق الذي أمَرَ الله -سبحانه وتعالى- به، إذ يقول في مُحْكَم كتابه: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، والأجْدر بالمؤمن أن يتحرّى من الأصحاب من يدعوه إلى الخُلُق الحسن، وذلك لتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ، والمؤمنُ أخُو المؤمنِ يكُفُّ عليه ضيْعتَه، ويَحوطُه من ورائِه).
الصّبر والمُجاهدة وحبْس النَّفس عن الميل إلى الأخلاق السيئة، فالتأنّي والتصبّر يأتي بثماره ولو طال الزمن، أما الاستعجال والجزع فلا يُثْمر شيئًا، فليصبر على نفسه ويتدرّج معها، تتنفيذًا لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ( وَمَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَن يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَما أُعْطِيَ أَحَدٌ مِن عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ).
مكانةِ الخُلُقِ في الإسلام
معرفةُ مكانةِ الخُلُقِ في الإسلام، فاستشعار أهميّته وفضله عبادة يُثابُ الإنسان على فعلها ويُؤجَر، فإن عَرَف ذلك سارع وبادَرَ في التَّخلُّقِ به، واستشعار المنزلةِ العظيمةِ لحَسَنِ الخُلُق حيث ترفع الأخلاق الحسنة المسلم إلى درجات عالية عند الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ المؤمِنَ ليُدْرِكُ بِحُسْنِ الخلُقِ درجَةَ القائِمِ الصائِمِ).
الالتزامُ بالعباداتِ المفْروضة، ومُحاولة تطبيقها قولًا وفعلًا، ومن أهمِّها الصلاة، فهي نورٌ يضيء درْبَ العبدِ وتهديه لأحسنِ ما يُمكنُ من الآدابِ والأخلاق، وتنهاه عن الفُحْش والسُّوء، لحديث: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ).
مُخالطةُ الناسِ وجعلهم ميدان اختبار الخُلُق الحَسَن، فلا يظهر الخلق من صبر وحلم وتواضع حقيقة إلا عند الاحتكاك بالناس.