ماذا يريد الرئيس ؟
هذا سؤال من المنطقي ومن الطبيعي أن يسأله الرئيس، أي رئيس، حين يتولى أمر البلاد، بل مؤكد أنه سأله لنفسه حين خاض الانتخابات على أساس برنامج انتخابي، يمثل أهدافه مدة حكمه المقررة بالدستور. فى حالة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فإن الهدف الذي لا يتحول عن عقله، وخياله، هو بناء مصر العصرية القوية. كانت معركة الإطاحة بالإخوان، وتقويض الارهاب، عقبات لم تخف عنه أبدا الرؤية الثابتة. وهكذا فإنه بالتوازي مع استتباب الأمن كان السباق مع الزمن.. ولا يجوز أبدا أن نتغافل لحظة واحدة عن فكرة أن الوقت عنصر ضاغط بقوة على أجندة تفكير الرئيس. ما المشكلة إذن؟ المشكلة أن الشعب.. سأل نفسه السؤال ذاته: ماذا نريد؟ لم تكن الإجابة فيزياء ولا كيمياء ولا انفجارات شمسية.. نجمية كوكبية. كان المطلوب الأمان..
تحقق الأمان.. وشاع الشعور بالاستقرار.. ونسى الناس تقريبا الحرائق والانفجارات والشهداء.. وانخرطوا في مسار غير المسار. بالنسبة للرئيس كانت هزيمة الإرهاب والإخوان مقدمة لإعادة بناء دولة كبرى. بالنسبة للناس: خلصنا.. منهم هيا بنا نأكل ونشرب ونمرح..
مع جدية مشروع الرئيس السيسي، بدأ الناس يقتنعون بأن الرجل يحقق الحلم والرؤية.. يصفقون ويباركون ويطلقون الدعوات له.. ومع زمجرة الأسعار داخليا بسبب من إرتفاع أسعار الطاقة خارجيا، أخذ الناس في التململ.. والتساؤل..
حلم الرئيس
في كل الافتتاحات التى يعرض فيها الرئيس بالفعل ما تم إنجازه، سنرصد هاجسا متصلا.. هو إن إيقاع الناس ليس مواكبا للساعة الرئاسية. هناك فرق توقيت.. وفرق أولويات. البناء في الكليات، والناس في التفاصيل. في النهاية، فإنه لا تفاصيل بدون كليات. لا نوافذ في غير عمارة. لا موتور في غير سيارة. لا قلب ولا عين ولا عقل في غير آدمي.. هل هناك تقصير في تقريب المسافة، لاقتسام العبء، أو حتى تقديره، أو حتى الكف عن ملاحقته بالاستياء أحيانا؟
فى الإفتتاحات والدورات التثقيفية والمؤتمرات، يحرص رئيس البلاد على إعلام الناس بما يفكر فيه، وبما تحقق، وكم كلف البلاد من أموال، وما العوائد والفوائد.. وهو يطلب من المتحدثين، وزراء وغير وزراء، أن يوضحوا للناس نقطة معينة.. ويعود فيشرحها.. ولما يركز على قضية محددة كقضية البناء العشوائي، وتجريف الأرض الزراعية لصالح الأبراج والبنايات.. تتحول كلمات الرئيس إلى إعلام.. قبلها لم تكن موجودة هذه القضية وغيرها !
التقصير الإعلامي سيتواصل، وستتراكم عواقبه، وسيظل الرئيس قائما بالدور الإعلامي التنويرى بصبر، لأن القائم بالاتصال الجماهيري.. غير خلاق، ولا يتمتع بالخيال.. ولا الحضور، وفقد المصداقية بسبب الاشتباه في دوره سابقا وقت الإخوان. صفات لو توفرت لقصرت المسافة بين حلم الرئيس وصبر الناس، وتزامنت الساعة في المعصمين.
بطبيعة الحال كلاهما يحب الوطن ويعشقه عشقا، ويصنف الرئيس بأنه وطني رومانسي.. حول حبه إلى أعمال وأفعال، والناس برهنوا على حبهم وتضحياتهم.. في الثلاثين من يونيو، لكن مع الإستقرار.. ارتفع نداء البطن والحاجة.. لدى الناس.. أما مع الرئيس.. فهو ينظر إلى نهاية خط الأفق يرى مصر هناك.
الهرولة ترهق.. والتباطؤ يعل ويمرض.. خير الأمور الوسط.. واضحة؟!