غالي ورخيص
الفرخة المشوية بمائة جنيه مع شوية أرز وسلطات، وطبق البيض، أبيض وأحمر، بـ ٥٢جنيها، وسمكة بوري واحدة بـ٤٥جنيها، ولو طلبت فنجان قهوة في كافيه في الأماكن الموصوفة بأوفر ريتد، over rated ستدفع صاغرا أو ثائرا شاتما. وتستاهل كل الغيظ الذي ملأ صدرك وسحب الفلوس من جيبك، لأنك تعرف أنه أوفر ريتد، يعني أسعاره عالية.. كع إذن وانكتم. شخصيا لا أسمح لنفسي بالانكتام. بالطبع أحترم نفسي وجيبي وميزانيتي ولا أذهب للأوفرات بتاتا.. لكن يحدث أن تتورط.. تعزم بقلب فتدفع بجد.. عندئذ أثور وافور واسترد حقى تقريعا وزجرا وتوبيخا لإدارة المحل.. ويجاملني ضيفي بايماءات مرحبة، يعلم الله ما في عقله بعدها!
بالطبع نعاني الغلاء الدورى، وبالطبع، شهدت أسعار البنزين ارتفاعا وصفته وزارة البترول بأنه الحد الأدنى، وأن ربع الجنيه هو ثمن التكلفة.. وهذه سياسة تسعير متكررة كل ثلاثة أشهر، لمواكبة السوق العالمية للطاقة.. وبصفة خاصة فإن كل المصريين مقتنعون أن السلعة التي ترتفع لا تنخفض.. أبدا.
مؤشرات سوق الطاقة، في الحقيقة، منذرة بزيادات واقعية، لنا وعلينا. مع انكماش الاقتصاد العالمي كله لـ١٨شهرا، شرقا وغربا، ولجوء الدول لسياسات العمل من البيوت أونلاين، لم تكن ثمة احتياجات كبيرة للبترول.. هبطت أسعاره لقلة الطلب عليه.. فلا طائرات تحلق، ولا مكن يدور، ولا سيارات تنطلق.. إغلاق كلي ثم جزئي.. البترول كان أقل من عشرين دولارا، والغاز بدولارين أو أقل، ومع الإطمئنان التدريجي بعد التطعيم والتلقيح، بدأت الدول تتسارع لاستئناف الإنتاج.. وبالتالي زاد النشاط الإقتصادي زيادة أشبه بالفورة، مع استمرار سياسات ضخ النفط والغاز الحذرة.
اقتصاد السوق
قلة المعروض وزيادة الطلب، جعل مصانع كثيرة في الصين تتعطل، ومنها من لجأ إلى الفحم. سعر برميل البترول يتجه إلى التسعين دولار وربما يتجاوزها، وكان كذلك تقريبا، قبل الجائحة، لكن سعر الغاز كان ضئيلا.. أوروبا بحاجة ماسة إلي الغاز.. حاليا ومع موسم الشتاء سيرتفع الطلب علي النفط والغاز. بالنسبة لنا فإن ارتفاع سعر الغاز إلي ٣٠ دولارا سيمكن الدولة من تعويض جزئي لفاتورة ٣٠% استيراد للبترول ما علاقة المواطن بكل هذه الارقام؟ تصعد أو تهبط، هو لا يشعر الإ بحرارتها ونيرانها.. وأبدا لا تهب عليه نسماتها العليلة..
دخولنا السوق العالمية، وربط الاقتصاد المصرى بالاقتصاد العالمي كان الهدف الأول لعملية الإصلاح الإقتصادي، لكن لا يجوز أن تظل الحركة في إتجاه واحد.. إذا هبطت الأسعار في السوق العالمية فلابد أن تهبط في المحال والأسواق المصرية. السعرة الفورية للمستورد المصري في رفع أسعار مستورداته.. لابد أن يقابلها نزول فوري حين يهبط السعر في الخارج. هذا لايحدث. هذه ثقافة مرفوضة من المستورد الجشع. حتى مع وفرة الإنتاج المحلي.. هل يمكن لمسئول واحد أن يبرر لنا ارتفاع سعر السمك بأنواعه؟ والفراخ بأنواعها، والبيض بأنواعه؟ سيتحججون بالعلف.. حجة سقيمة مثل عقولهم !
نعم لاقتصاد السوق.. ونظرة لاقتصاد المواطن.