80 عاما على رحيل مي زيادة.. صاحبة أشهر صالون ثقافي.. عشقها المثقفون والشعراء وأحبت أديبًا لم تره
أعرف أنك "محبوبي، وأني أخاف الحب، أقول هذا مع علمي بأن القليل من الحب كثير".. كلمات عبرت عنها الكاتبة "مي زيادة"ـ رحلت فى مثل هذا اليوم 17 أكتوبرعام 1941 ـ لعشقها جبران خليل جبران، ذلك الفيلسوف العربي الذي عد من أشهر الكتاب والشعراء في العالم، ولكن رغم شهرتهما الواسعة في الحقل الأدبي، إلا أن حبهما لم يحالفه الحظ للبقاء، فلم يتعدَّ المكاتبات فقط ولم يلتقيا أبدا، ومات جبران وخلف وراءه جرحا عميقا في قلب مى زيادة.
هى مى إلياس زيادة، الشهيرة بـ مى زيادة لبنانية الأصل، ولدت فى عام 1886، هاجرت مع أسرتها إلى مصر 1907 ودرست فى كلية الآداب وتابعت دراستها فى الأدب العربى والتاريخ الإسلامى والفلسفة فى جامعة القاهرة،
أحبها الكثيرون من أدباء عصرها، منهم: عباس العقاد، أنطون الجميل، مصطفى الرافعى ولطفى السيد، إلا أنها أحبت جبران خليل جبران.. وبالرغم من أنها لم تلتق به إلا أنهما تشاركا في إصدار كتاب واحد تحت عنوان (بين المد والجزر) تأليف مى وجبران، ورغم كثرة عشاقها لم تتزوج.
بين الأدب والصحافة
ولم تكتف مى بالأدب، بل اقتحمت عالم الصحافة، وكان لها دور كبير فى الكتابة بمجلة السياسة التى أصدرها الدكتور محمد حسين هيكل نصير الفكر الليبرالى، وكان للكاتب أحمد لطفى السيد تأثير كبير عليها فبالرغم من مسيحيتها قدم لها القرآن الكريم لتتقن به لغتها العربية مما أهلها للكتابة فى الصحف والمجلات مثل: المحروسة والزهور والمقتطف والهلال والأهرام التى كتبت فى إحداها: “أيا مصر العزيزة عليك الفاتحة وسلام، بلاد الشمس والنور الباهر محراب الآلهة، مكمن الأرواح ومعقل الخلود، جنينة الأفراح والتغاريد حديقة الورد والفل سلام عليك وعلى نيلك على لغتك وأهلك”.
المثقفة قوية الحجة
وصفها العقاد بالمثقفة قوية الحجة، اهتمت بتحرير المرأة ومناقشة القضايا الأدبية، ووصفتها هدى شعراوى بالمناضلة وكانت المثل الأعلى للفتاة الشرقية المثقفة الراقية.
مجلس الثلاثاء
عرفت مى زيادة بصالونها الشهير بداية القرن العشرين عام 1913، والذي عرف باسم مجلس الثلاثاء، ومن اشهر رواده أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد وإسماعيل صبري، ومنصور فهمي، وولي الدين يكن، أحمد زكي، رشيد رضا، محيي الدين رضا، سلامة موسى، أحمد شوقى، خليل مطران، مصطفى صادق الرافعي، وغيرهم كثيرون.
عن صالون مي، قال الدكتور طه حسين: "كان صالونها ديمقراطيا مفتوحا لا يرد عنه أحد، وقد شهد صالونها معارك فكرية عديدة"، حيث استمر صالونها قرابة 25 عامًا، وهي أطول فترة عرفها صالون أدبي في الشرق.
صدمة وفاة جبران
كانت صدمتها الكبرى عند وفاة جبران خليل جبران عام 1931، فسافرت إلى لبنان إلا أن أقاربها من أجل الميراث ومنهم ابن شقيقتها اتهموها بالسفه وحجروا عليها وأدخلوها مستشفى الأمراض العقلية في لبنان "العصفورية"، وبعد تسعة أشهر عادت إلى مصر وعاشت فى عزلة مستسلمة لأحزانها حتى رحلت في مستشفى المعادى عن 55 عاما.