الشيخ الشعراوي يكشف أهمية الاحتفال بذكرى المولد النبوي
في مقال قديم نشر للشيخ محمد متولي الشعراوي تحدث عن أهمية الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكيف حثنا الشرع على إحياء المناسبات الدينية.
وفي السطور التالية نعيد نشر مقال الشعراوي والذي يقول فيه:
نحتفل بالذكرى العطرة ذكرى المولد النبوي الشريف في إطار قوله تعالى "وذكرهم بأيام الله".والمقصود بأيام الله هنا هي الأيام التي تكون نصرا لدينه وخذلانا وهزيمة لأعدائه قائلا: أن الأيام ظرف للأحداث، فاليوم يشهر بالحدث الذي يقع فيه، "فإذا كان الرسول هو الخاتم ولا معقب بعده على مناهج السماء
فإننا نعتبر البعث يوم والهجرة يوم والنصر في كل غزوة يوم..إلا أن كل هذه الأيام فرع عن يوم الميلاد، لذا فيوم الميلاد هو الأصل الأصيل الذي يتفرع عنه باقي الأيام التي نذكر الناس بها.
قال تعالى في سورة التوبة: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
وإذا كنا نحتفل بميلاد سيد الخلق فإننا نحتفل به في إطار قوله تعالى في سورة إبراهيم: (وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) فيوم الميلاد هو الأصل الأصيل الذي يتفرع عنه سائر الأيام التي تذكر الناس بها والحق سبحانه وتعالى حينما يرسل رسله إنما يرسلهم لسداد حركة الحياة وسداد حركة الحياة لا يتأتى إلا بأن يضع للخالق الصانع منهج هذه الصيانة فإذا أراد الإنسان أن يسعد مع الله وبالله فعليه أن يذكر المنهج الذي وضعه خالق الصنعة الإنسانية لتعيش على ضوءه وبذلك تؤدي الحركة سدادها في الوجود كله.
صدق الرسالة
وحينما ختم الله تعالى رسالته إلى الخلق أجمعين ختمها برسول لا معقب له فكأنما استوفى الكمال المطلق ورضى الإسلام المطلق وأتم النعمة المطلقة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مبتدأ وخبر محمد رسول الله فإذا نظرنا إلى كلمة محمد نجدها الإسم ولها المسمى هى دليل رسول الله لأن محمد نشأ من أنفسهم وبينهم وعرفت أخلاقه من طفولته إلى أن بعث فيهم فكأن الصورة الحقيقية لضمان أن رسول الله إنما صنعه الله على عينيه ليؤدي مهمته أن ينظر فيه وهو طفل وينظر فيه وهو شاب وينظر فيه وهو مبعوث فتجده على استقامة الأمور كلها في الحياة فإن طفولته لم تكن كطفولة غيره وحركاته لم تكن كحركات غيره ولكنه مر بأشياء يشهد له فيها فإذا قلنا رسول الله نأخذ من محمد الذي عرفوه من قبل أن يرسل صدق رسالة الله فيه..
فالحق سبحانه وتعالى حينما يختار رسولا ليرسله إلى أمة إنما يختاره من بيئته لا يمكن أن يأتي من بيئة أخرى ولذلك حين يقول تعالى "رسولا من أنفسكم" ومن أنفسكم وممن عرفتموه وممن خبرتم أحواله فيجب حين ينادي فيكم أنه مبعوث من الله أن تعلموا هذه الحقيقة من سيرته فيكم قبل أن يبعث فستجدونه على أحسن خلق تجدون فيه الأمانة فيه التواضع فيه الشفافية فيه الحمية فيه الإباء فيه الحياء فيه كل صفة من صفات الكمال حتى أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لطفولته جينات كما نشهدها في جينات الأطفال فمثلا حين كان يلعب مع الصبيان ويجمعون الأحجار ليلعبوا بها أو يبنون بها بيت كان الأطفال مثله يضعون ثيابهم على كتفهم ليحمي لحمهم من ألم الحجارة ورسول الله بينهم فعل ذلك ولكنه فوجئ بمن يقول له عورتك فكان القوم كلهم عوراتهم ظاهرة ومحمد وحده عورته مستورة "تميز" في أمر واحد واضح لهم من الله
وأيضًا حينما جاء عمه أبو طالب ليرمم زمزم جاءوا بالحجارة ففعل القوم كذا والأطفال يفعلون كذا وأراد محمد أن يفعل ذلك فتذكر قوله عورتك فسترها فسأله عمه العباس مال الذي جعلك لتفعل هذا فقال لأني سمعت من يقول لي عورتك يا محمد عورتك يا محمد فكأن الله أراد أن يستر عورته في وقت لا تكليف فيه مما نشهده لصبياننا.
إيمان قومه
الرسول حينما دعا بدعوته لم يأتي بالمعجزة أولا، وإنما قال أنا رسول الله فآمن به قومه وخالفه بعض القوم فجاء القرآن بمعجزة لمن آمن بمحمد حين قال أنا رسول الله، تاريخه الذي يعرفه قبل أن يقول أنا رسول الله،
صدق الرسالة
السيدة خديجة حيثيات إيمانها ماذا قالت:إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، يعني مثل هذه الصفات فيه التي سبقت دعواه ولا يمكن إلا أن تكون من وحي الله ومأمور عليها حتى قبل أن يبعث، إذا رسول الله محمد الذي تعرفونه رسول الله الذي أرسلته كما عرفتم ماضيه قبل أن يرسل اعرفوا مستقبله حين أرسل فنحن نريد أن نستقبل هذا الميلاد على هذا الضوء الكريم لتعرفوا أن الرسول كان مخلوقًا على أن يكون رسولًا وسيرته هي التي تؤكد صدق رسالته..