رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة التعليم فى مفترق طرق

مع بداية عام دراسي جديد، تطفو على السطح كل عام قضية تطوير التعليم ومشاكله في مختلف مراحله الأساسية والجامعية، والأهم استمرار شكوى أولياء الأمور من المشاكل المزمنة التي تواجه أبناءهم خلال العام الدراسي بدون حلول جذرية، وفى مقدمتها الشكوى من الكثافة المرعبة فى الفصول الدراسية، وتراجع العملية التعليمية داخل المدارس وإعتماد الجميع على الدروس الخصوصية بمختلف أنواعها  كحل ضرورى لجأ إليه أولياء الأمور لتدارك الفشل الحكومى المستمر منذ سنوات طويلة فى إعادة العملية التعليمية إلى نصابها داخل المدارس، خاصة المدارس الحكومية التى تستوعب أكثر من ٩٠% من الطاقة التعليمية في البلاد، فضلا عن مخاوف الطارئ الجديد المتمثل فى جائحة كورونا على صحة أبنائنا. 

 

والحقيقة التى قد يتجاهلها المسئولين عن العملية التعليمية في بلادنا هى أن مشاكل العملية التعليمية وتطوير التعليم في بلادنا ليست قاصرة على تطوير مناهج أو حتى مشكلة كثافة فصول، بل الأزمة أكبر من ذلك بكثير.

 

 

فواقع الأمر أن كل نشاط لابد أن له هدف أو عدة أهداف، وقضية التعليم وتطويره لمواكبة المتطلبات العصرية والأهداف الإستراتيجية للبلاد التى تمر بمرحلة فارقة وجادة من تاريخها لبناء مصر الجديدة، لابد أن يكون التعليم.. والتعليم المتطور وحده هو القاطرة  لتحقيق الطموح الأسمى للبلاد.. فهل التعليم الحالى فى بلادنا قادر على النهوض بمهمته التاريخية؟

 

الواقع اأن هناك شكوك وعدم قناعة على كافة المستويات الرسمية والشعبية فى قدرة منظومة التعليمية الحالية على الوفاء بتطلعات الدولة والشعب، ولا يرى كثيرون من المراقبين جهد حقيقى من الجهات المعنية سواء وزارات أو مؤسسات نيابية لإنتشال التعليم فى بلادنا من كبوته.

 

تطوير المنظومة التعليمية

 

والأخطر في هذه القضية المصيرية تركيز الإهتمام على شريحة من القطاع التعليمى، هى شريحة التعليم الذى يمكن أن نطلق عليه التعليم النوعى الخاص عالى التكلفة والذى لا تستفيد من نتاجه سوى شريحة محدودة من الشعب قادرة على نفقاته المتصاعدة بسرعة الصاروخ دون رقيب فى السنوات الأخيرة سواء على مستوى التعليم الخاص الأساسى والمدارس الدولية بمختلف مستوياتها  أو فى الجامعات الخاصة المتنامية فى مجتمعنا خلال الثلاثون عاما الماضية.

 

والمسكوت عنه فيما يتعلق بالقضية أخطر، وهو جدوى الإنفاق الضخم على العملية التعليمية التى نطالب كل عام بزيادته سواء من خلال الموازنة العامة للدولة أو من خلال الزيادات المتتابعة فى مصروفات التعليم الخاص، رغم أن سوق العمل فى بلادنا تجتاحه منذ سنوات متغيرات صارخة لا تواكبها مخرجات التعليم الحالى بأى حال، ليتحول معها النسبة الأكبر من ملايين  الخريجين كل عام إلى مجرد رقم فى طابور البطالة المتراكمة منذ سنوات وتتفاقم معها الظواهر المجتمعية والنفسية المفزعة لتركه العاطلين فى بلادنا.. 

 

الأمر يستدعي تدخل عاجل للمراجعة وعقد مؤتمر قومى موسع يناقش قضية تطوير المنظومة التعليمية وحل مشاكلها المزمنة وإيقاف نزيف إهدار المال العام دون عائد حقيقى، وصولا إلى بناء استراتيجية تعليمية عصرية قادرة على المنافسة فى أسواق العمل محليا ودوليا، وقادرة أيضا أن تتحمل مسئولية تاريخية لتكون قاطرة لبناء مصر الجديدة.. وكل عام وتلاميذ مدارسنا وطلاب جامعاتنا بخير.

الجريدة الرسمية