إمبراطورية للمعاهد الخاصة
يبلغ عدد المعاهد العالية الخاصة القائمة حاليًا 189 معهدًا، موزعة على قطاعات أكاديمية متخصصة على النحو التالى: 54 معهدًا خاصًا عاليًا هندسيًا، 72 معهدًا خاصًا عاليًا "الشعب التجارية وعلوم الحاسب ونظم المعلومات"، 20 معهدًا خاصًا عاليًا للغات والإعلام، 18 معهدًا خاصًا عاليًا للسياحة والفنادق، 17 معهدًا خاصًا عاليًا للخدمة الاجتماعية، 5 معاهد خاصة عالية تكنولوجية للعلوم الصحية التطبيقية والتمريض، 2 معهدًا خاصًا عاليًا زراعيًا، 1 المعهد العالى للدراسات الإسلامية، وهناك دكاكين" تحت بير السلم يطلق عليها إسم الأكاديميات العلمية أو المعاهد المتخصصة أو المراكز التدريبية.
وتقبل تلك المعاهد والجامعات الطلبة الذين لا يحالفهم الحظ في الحصول علي مجموع بجانب أن هوس الطلاب في الحصول على الشهادات وبالأخص الماجيستير والدكتوراه، ومما يجعل أصحاب الكيانات الوهمية يفكرون دومًا في فتح كيان آخر في منطقة مختلفة. والنصابون يستغلون عادة سذاجة الطلاب وأولياء أمورهم، وكذلك هواة الألقاب والدرجات العلمية المزيفة فى الإيقاع بضحاياهم حتى وصل الأمر إلى حد منح شهادات الماجيستير والدكتوراه من أكاديميات "بير السلم"، وعلى الرغم من تعدد حالات النصب مازلنا نسمع عن مراكز التعليم الوهمية التي تستدرج الطلاب للتسجيل بها، ودفع أموال طائلة للحصول على درجة علمية وشهادة مزورة.
فساد المعاهد الخاصة
إمبراطورية المعاهد العليا تركت لسنوات طويلة تفعل ما تريد في الطلاب وفي أولياء الأمور وفي التعليم الجامعي في مصر. بدأت المعاهد العليا الخاصة رحلتها منذ أكثر من ثلاثين عاما حين ضمت المعاهد العليا الحكومية إلي الجامعات التي تشرف عليها وتركت الساحة خالية أمام القطاع الخاص لعله يساعد في هذا القطاع من التعليم الجامعي مثلما هو الحال في معظم أنحاء الدنيا. في غيبة الرقابة والقانون والمسئولية وبدأ الدراسة رغم أنف الوزارة أو برضاها. تحولت المعاهد الخاصة العليا إلي مشروع تجاري بحت لاعلاقة له بالعلم أو التعليم حين تمكنت من تحويل قطاع التعليم إلي قطاع خاص يخضع لها ويأتمر بأموالها. وتحول الطالب من مواطن إلي سلعة بين المعاهد الخاصة وقطاع التعليم.
كان بوسع رئيس قطاع التعليم أن يمنح معهدا 500 طالب عبر مكتب التنسيق ويحرم آخر دون ضوابط أو معايير. وهنا نما الفساد وترعرع في المعاهد العليا الخاصة. وهناك 3 طرق للنصب علي الطلاب، الأولي وهي أن أي معهد أو كيان تعليمي يروج بأنه تابع لجامعة أجنبية في الخارج، ويكون بالفعل تابعًا لها ولكن تلك الجامعة غير معتمدة في مصر، وبالتالي يحصل الطلاب على شهادات بلا فائدة ولا تعتمدها مصر وبذلك كأنها لم تكن.
إصلاح التعليم
أما الطريقة الثانية، وهي مكتب تابع لكيان وهمي يتقدم الطلاب إليه، بالأوراق ودفع المصروفات أو علي الاقل دفع القسط الأول، ومع بداية العام الدراسي، يذهب الطلاب إلى المعهد أوالأكاديمية، فيجد انه مجرد مكان تم استئجاره مؤقتا ولا يوجد مكان تعليمي بالمعني المتعارف عليه. أما الطريقة الثالثة، والمعروفة وهو أن هناك كيان بالفعل ولكنه يزور كل الأختام والأوراق تؤكد أنه تابع لوزارة التعليم العالي، وبعد أربع سنوات أوسنتين دراسة يكتشف الطالب عند التقدم للتوظيف أن الشهادة مزورة.
أي إصلاح لن يكتمل إلا بتغيير القانون52 لسنة 1970 المليء بالثغرات التي تغل يد الوزارة عن ضبط التعليم في هذه الأبعديات التعليمية. وبعد ذلك لابد من إعادة صياغة فلسفة التعليم في المعاهد لتصبح معاهد تطبيقية. حيث تستوعب سوق العمل من خريجي الجامعات التطبيقية أكثر مما تستوعب من الجامعات النظرية البحثية. لم تعد المشكلة أن تحصل علي شهادة جامعية بل أصبحت المشكلة أن تمتلك من المهارات والمعارف ما يؤهلك لفرصة عمل حقيقية في سوق العمل.