علي جمعة: تارك الصلاة لا يشبه المسلمين.. والجهاد حرب مشروعة
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن الصلاة عمود الإسلام، وتاركها لا يشبه المسلمين في شيء، موضحًا أن أقل قدر من الصلاة ينبغي للمسلم المحافظة عليه هو خمس صلوات في اليوم والليلة، والنوافل يتقرب بها العبد إلى ربه حتى يحبه.
وعن الجهاد أكد علي جمعة أن مفهوم الجهاد شامل لا يقتصر على القتال، والجهاد بالقتال الذي أمر به الإسلام فله ضوابط، والجهاد بالقتال لنصرة المظلوم ورد العدوان، وهو شكل من أشكال الجهاد يطرأ على حياة المسلم في الصراع ودفع الظلم.
الصلاة عمود الإسلام
وأضاف علي جمعة أن التعصب والتجاهل بحقيقة الدين الإسلامي الحنيف، والإصرار على جعله طرفا في صراع وموضوعا للمحاربة، أحدث لبسا شديدا في هذا المفهوم مفهوم الجهاد ـ عند المسلمين، حتى شاع أن الإسلام قد انتشر بالسيف، وقال: "الجهاد في الإسلام حرب مشروعة عند جميع عقلاء أهل الأرض".
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "قال النبي ﷺ:«وعموده الصلاة...» فالصلاة هي في الإسلام بمثابة العمود الذي يقوم عليه البناء، فهي أساس العلاقة الصحيحة بين العبد وربه، فتاركها لا يشبه المسلمين في شيء، والمحافظ عليه منور بالسجود لربه، فهي معراج المؤمن الذي يعرج به إلى ربه ويناجيه".
وقال "وأقل قدر من الصلاة ينبغي للمسلم المحافظة عليه هو خمس صلوات في اليوم والليلة، يتطهر بها المؤمن من أدرانه وما يصيبه من كدر وإثم طوال اليوم، ومن أراد الاستزادة حافظ على السنن الراتبة، وحافظ على قيام الليل، وغيرها من النوافل التي يتقرب بها العبد إلى ربه حتى يحبه".
الجهاد في الإسلام
وأضاف "ثم قال ﷺ: «وذروة سنامه الجهاد...» الجهاد الذي يجود فيه المسلم بنفسه لربه، فيحمي الله بهذا البذل عرضه وأرضه، الجهاد الذي ينال به المسلم إحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة إلا أننا نعلم أن الجهاد مفهوم شامل لا يقتصر على القتال كما أراد المرجفون، قال تعالى: (وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)[الحج: 78]، وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69].
تابع: "ويقول رسول الله ﷺ: (قدمتم خير مقدم، وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، مجاهدة العبد هواه) وفي رواية: (جهاد القلب) [أخرجه البيهقي في الزهد الكبير].
وتابع جمعة "فالجهاد في الإسلام هو بذل القدرة والمجهود في تحصيل كل ما يرضي الله من أخلاق وأفعال، ودفع كل ما يغضب الله، والجهاد بالقتال أحد أشكال الجهاد، وليس هو الجهاد بمفهومه الشامل، وحتى الجهاد بالقتال الذي أمر به الإسلام فله ضوابط قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) [البقرة:190].
حرب النقاء
وقال "فالجهاد بالقتال لنصرة المظلوم ورد العدوان، هو شكل من أشكال الجهاد يطرأ على حياة المسلم في الصراع ودفع الظلم، قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39، 40].
وأضاف "والجهاد بهذا المعنى الأخير حرب في غاية النقاء والطهر والسمو وهذا الأمر واضح تمام الوضوح في جانبي التنظير والتطبيق في دين الإسلام وعند المسلمين، وبالرغم من الوضوح الشديد لهذه الحقيقة، إلا أن التعصب والتجاهل بحقيقة الدين الإسلامي الحنيف، والإصرار على جعله طرفا في صراع وموضوعا للمحاربة، أحدث لبسا شديدا في هذا المفهوم ـ مفهوم الجهاد ـ عند المسلمين، حتى شاع أن الإسلام قد انتشر بالسيف، وأنه يدعو إلى الحرب وإلى العنف، ويكفي في الرد على هذه الحالة ما ذكره المنصفون من الغرب ونذكر على سبيل المثال ما قاله الكاتب الكبير توماس كارليل في كتابه « الأبطال وعبادة البطولة » ما ترجمته:« إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها» [حقائق الإسلام وأباطيل خصومه للعقاد صـ166].
حرب مشروعة
وتابع "ويقول المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب ـ وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام في عهده ﷺ وفي عصور الفتوحات من بعده ـ: « قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة.....، ولم ينتشر القرآن إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها..... ولم يكن القرآن أقل انتشارا في الصين التي لم يفتح العرب أي جزء منها قط وسترى في فصل آخر سرعة الدعوة فيها ويزيد عدد مسلميها على عشرين مليونا في الوقت الحاضر.» [حضارة العرب ص 128، 129].
واختتم حديثه قائلًا: "الجهاد في الإسلام حرب مشروعة عند جميع عقلاء أهل الأرض، فالمتدبر في المصادر الأساسية من ناحية وفي تطبيقات المسلمين لها من ناحية أخرى يخرج بحقيقة واضحة حول معنى الجهاد في الإسلام"