زواج المحلل يثير الجدل.. شخص يعلن الزواج بـ 33 سيدة.. دار الإفتاء تحسم الجدل.. ورأي الأزهر
حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعات الماضية وذلك بعد ظهور أحد الأشخاص مع الإعلامي “ شريف عامر" في برنامج “ يحدث في مصر” وكشف خلال اللقاء أنه يعمل “ محلل” منذ زمن طويل لرد المطلقات إلى أزواجهن وأنه كرر هذا الأمر أكثر من 33 مرة، مما فتح الباب حول حكم الشرع في زواج المحلل وهل هو صحيح أم لا.
ومن جانبها أكدت دار الإفتاء أن زواج المرأة المَبْتوتة –أي: المطلقة ثلاثًا- لكي تحل للزوج الأَوَّل، -وهو ما يُعْرَف بـ(الزواج بشرط التحليل)- حرامٌ شرعًا باتفاق الفقهاء؛ فقد روي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنَّه لَعَن المُحَلِّل والمُحَلَّل له» (أخرجه الترمذي)، واللعن إنما يكون على ذنبٍ كبيرٍ.
وأضافت الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “ فيس بوك” أنه روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّه سُئِل عن تحليل المرأة لزوجها؛ فقال: «ذاك السِّفَاح» (رواه البيهقي). والسِّفَاح؛ أي: الزنا.
حكم زواج المحلل
وفي هذا السياق ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “طلق رجلٌ زوجته ثلاث طلقات -بينونة كبرى-؛ فهل يجوز لآخر أن يتطوع من نفسه وبدون اتفاق مع المطلَّقَينِ ويتزوجها ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، وهل يكون العقد صحيحًا؟”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
إذا كان النكاح بشرط تحليل المرأة لزوجها الأول فإنه حرام، ويكون باطلًا عند الجمهور، أما إذا كان منويًّا فيه فقط من غير اشتراطٍ مع توفر أركان النكاح وشروطه الأخرى فهو صحيحٌ كما ذهب إليه الحنفيّة والشّافعيّة، وتحلّ المرأة للأوّل بوطء الزّوج الثّاني؛ لأنّ النّيّة بمجرّدها في المعاملات غير معتبرة، كما لو نويا التّأقيت وسائر المعاني الفاسدة؛ والقاعدة في ذلك: "أن كل شرطٍ يَبطُل العقدُ بالتصريح به فإن إضمارَه مكروه".
وفي ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتابه "الأم" (5/ 86، ط. دار المعرفة): [وإن قَدِم رجلٌ بلدًا وأحب أن يَنكح امرأةً ونِيَّتُه ونِيَّتُها أن لا يمسكها إلا مُقامَه بالبلد أو يومًا أو اثنين أو ثلاثة -كانت على هذا نِيَّتُه دون نيتها، أو نيتُها دون نيته، أو نِيَّتُهما معًا ونية الولي- غير أنهما إذا عقدا النكاح مطلقًا لا شرط فيه فالنكاح ثابت، ولا تُفسِد النِّيَّةُ من النكاح شيئًا؛ لأن النية حديثُ نَفْسٍ، وقد وُضِعَ عن الناس ما حَدَّثوا به أنفسهم، وقد ينوي الشيء ولا يفعله، وينويه ويفعله، فيكون الفعل حادثًا غير النية.
وكذلك لو نكحها ونِيَّتُه ونِيَّتُها أو نيةُ أحدهما دون الآخر أن لا يُمسِكها إلا قدرًا يصيبها فيحللها لزوجها ثبت النكاح، وسواء نوى ذلك الوليُّ معهما أو نوى غيره، أو لم ينوه ولا غيره، والوالي والولي في هذا لا معنى له أن يُفسِد شيئًا ما لم يقع النكاح بشرط يُفسِده] اهـ.
وقد نقل ابن بطال المالكي في "شرح البخاري" (7/ 480-481، ط. مكتبة الرشد، الرياض) جواز ذلك النكاح عن عطاء والحكم وعن القاسم وسالم وعروة والشعبي وربيعة ويحيى بن سعيد: [أنه لا بأس أن يتزوجها ليحللها إذا لم يعلم بذلك الزوجان، وهو مأجور بذلك] اهـ.
وبناءً على ذلك: فإنه يجوز لشخصٍ آخر أن يتطوع من نفسه وبدون اشتراطٍ في العقد ويتزوج المطلَّقة ثلاثًا ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، ويكون العقد بذلك صحيحًا.
رأي الأزهر
وفي وقت سابق أكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أن حكم زواج المحلل والتى حسمته بأنه باطل ولا يحل، بعد ورود سؤال لها من قبل سائلة جاء نصه تم طلاقي طلاقا بائنا بينونة كبرى، وقمت بالاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يعقد على لمدة يوم، ويطلقنى حتى أعود للزوج الأول، وتم تنفيذ ما اتفقنا، وبالفعل عقد على وطلقنى، ولـم يدخل بى، ولـم يحدث بيننا خلـوة شرعية، ثم طلقنى وعدت بعدها إلى زوجى الأول الـذى طلقنى ثلاث طلقـات بعقـد جديد فهل هـذا العقد كان صحيحا؟، وهل كان رجوعى إلـى الزوج الأول كـان صحيحـا أيضا؟."، وجاء رد اللجنة على هذا السؤال كالتالي:
إذا طلق الزوج زوجته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى؛ فلا يملك مراجعتها لا فى عدتها ولا بعد انتهائها؛ إلا إذا انقضت عدتها، فتزوجت زوجا آخر، ودخل بها، ثم طلقها، ثم انتهت عدتها منه، فيحل للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين، وتعود إليه بثلاث طلقات جديدة ؛ لقوله – تعالى-: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }، ثم قال سبحانه: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون}.
شروط صحة زواج المحلل
ويشترط فى النكاح الذى يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلى:
الشرط الأول: أن يكون نكاحا صحيحا مستوفيا أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدا - كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة- لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء.
الشرط الثانى: أن يدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقنى، فأبت طلاقى، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك».
الشرط الثالث: أن يكون النكاح الثانى بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليا من التأقيت والتحليل؛ لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحا من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت، قال الإمام النووي – رحمه الله -: [النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة]
وانتهت اللجنة ان ما ذكر في محل السؤال زواج باطل لا يحل؛ لأنه كان بنية التحليل، ولم يحدث فيه دخول، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:{ ألا أخبركم بالتيس المستعار"؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال " هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له} رواه ابن ماجة والحاكم، كما أنه اشتمل على التأقيت الذى يبطله، قال الإمام الخرقى – رحمه الله - : "ولو تزوجها على أن يطلقها فى وقت بعينه، لم ينعقد النكاح" وبالتالى لا تحل السائلة بهذا الزواج لزوجها الأول؛ لأن ما بنى على باطل فهو باطل.