اعترافات «قادة تل أبيب» عن نصر أكتوبر.. الدرس الذي لم ينسوه.. وجولدا مائير: وجدت نفسي أمام أعظم تهديد
«الجيش الذي لا يقهر».. واحدة من الأساطير التي حاولت دولة الاحتلال (إسرائيل) ترويجها طوال السنوات التي سبقت «ساعة الصفر» لحرب السادس من أكتوبر 1973 المجيدة، وظنت «تل أبيب» أن العالم، ومن قبله مصر، صدق الأسطورة، غير أن الدبابات المصرية التي عبرت القناة، ومن قبلها الجنود البواسل الذين استطاعوا «دك حصون تل أبيب» حطموا تحت أقدامهم أسطورة «تل أبيب» الزائفة، وهو ما اعترف به قادة إسرائيل بعد سنوات من الحرب التي يمكن القول إنها قلبت كل موازين القوى السياسية والعسكرية في العالم كله.
موشيه ديان.. الجنرال المغرور
اعترف وزير الحرب دولة الاحتلال الإسرائيلي موشيه ديان في ديسمبر 1973 بأن «حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، وأن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون، وأظهر لهم ما لم يروه من قبل وأدى كل ذلك إلى تغير عقلية القادة الإسرائيليين» وكتب الجنرال الإسرائيلي الشهير في مذكراته قائلا: «إننا لا نملك الآن القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى »، مشيدا بالدقة التي استخدم بها المصريون الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، وأكد أن على القادة الإسرائيليين الاعتراف بأنهم ليسوا أقوي من المصريين، وأن حالة التفوق العسكري الإسرائيلي قد انتهت إلى الأبد وأن النظرية التي تؤكد هزيمة العرب في ساعات إذا حاربوا إسرائيل تعتبر نظرية خاطئة.
«ديان» أشار في مذكراته إلى انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، ونوه على ضرورة أن يعوا أنهم ليسوا القوة العسكرية الوحيدة في الشرق الأوسط وأن هناك حقائق جديدة لا بد أن يتعايشوا معها.
جولدا مائير.. الرئيسة العجوز
في كتاب لها بعنوان «حياتي»، أكدت «جولدا مائير» رئيسة وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي أنه لا شيء أقسى على نفسها من كتابة ما حدث في أكتوبر، موضحة أنه لم يكن مجرد «حدث عسكري رهيب» فقط وإنما تخطاه إلى كونه مأساة عاشت وستعيش معها حتى الموت.
«جولدا» أضافت قائلة: «لقد وجدت نفسي فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ قيامها، وقد انهارت معتقدات أساسية كانت راسخة لدينا في ذلك اليوم ومنها إيماننا المطلق بقدرتنا على منع المصريين من عبور قناة السويس»، موضحة أنها عندما تستعيد تلك الأيام فإنها تذكر الأخبار المروعة التي تصلها من الجبهة والخسائر التي تمزق قلبها، كما ذكرت «مائير» أنه في وقت حرب أكتوبر عبر المصريون القناة وضربوا بشدة القوات الإٍسرائيلية في سيناء، وتوغل السوريون حتى العمق في مرتفعات الجولان، وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر جسيمة على الجبهتين، وكان السؤال المؤلم لديها آنذاك «ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف أم لا».
حايم هيرتزوج.. رئيس دولة الاحتلال
أما حايم هيرتزوج، رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، قال في مذكراته حول حرب أكتوبر: «لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا، فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتى بدأ العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم».
أهارون ياريف.. مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق
وقال أهارون ياريف مدير مخابرات دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق في ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس في 16 سبتمبر 1974: «لاشك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء، وحينما سئل السادات هل انتصرت في الحرب أجاب انظروا إلى ما يجرى في إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة على هذا السؤال».
أبا أبيان.. وزير خارجية إسرائيل
وبعد ما يقرب من شهر من حسم معركة السادس من أكتوبر، وتحديدًا في نوفمبر 1973، قال وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر: "لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر، لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي بل على العكس فإن هناك شعورا طاغيا في إسرائيل الآن بضرورة إعادة النظر في علم البلاغة الوطنية، إن علينا أن نكون أكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة".
ناحوم جولدمان.. رئيس الوكالة اليهودية الأسبق
ولفت رئيس الوكالة اليهودية الأسبق ناحوم جولدمان في كتاب له بعنوان «إلى أين تمضى إسرائيل» إلى أن من أهم نتائج حرب أكتوبر 1973 أنها وضعت حدا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب، كما كلفت هذه الحرب إسرائيل ثمنًا باهظًا نحو خمسة مليارات دولار، وأحدثت تغيرا جذريا في الوضع الاقتصادى في الدولة الإسرائيلية التي انتقلت من حالة الازدهار التي كانت تعيشها قبل سنة، مضيفًا أن «النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التي حدثت على الصعيد النفسي، حيث انتهت ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم».
اللواء افراهام أدان.. قائد المدرعات في حرب أكتوبر
في حين ألقى اللواء أفراهام أدان، قائد سلاح المدرعات في جيش الاحتلال الإسرائيلي في نصر السادس من أكتوبر، بمسئولية الهزيمة على عدم تزويد الجيش الإسرائيلي بأسلحة متقدمة ومتطورة مثل نظيره المصري خلال الحرب، وتابع: «لقد وجدنا أنفسنا أمام آلاف الجنود من المشاة المصريين، مزودين بالسلاح الأوتوماتيكي والمضاد للدبابات، كنا في وضع سخيف وغبي»، مضيفًا: «بشكل عام، لم يكن لدينا منظومة سلاح أكثر تطورا وتحديثا، ولو كنا كذلك، لكانت الأمور اختلفت«.
«أفراهام» أشار إلى انتشار حالة تهاون بقدرات المصريين العسكرية بين صفوف الجيش الإسرائيلي قبل الحرب، قائلا: "كانت حالة الاستخفاف والتهاون والازدراء موجودة، لقد قالوا إن المصريين غير مؤهلين لإدارة المعارك، وأعتقد أن هذا كان خطأ كبيرًا".
أروي بن أري.. مساعد قائد جبهة سيناء في الحرب وقال أروي بن أري مساعد قائد جبهة سيناء في جيش الاحتلال الإسرائيلي: «في الساعات الأولى لهجوم الجيش المصري كان شعورنا مخيفا لأننا كنا نشعر أننا نزداد صغرا والجيش المصري يزداد كبرا والفشل سيفتح الطريق إلى تل أبيب».
وتابع: «في يوم 7 أكتوبر خيم على إسرائيل ظل الكآبة ومنذ فجر ذلك اليوم وحتى غروب الشمس كان مصير إسرائيل متوقفا على قدرة صدها لهجوم مصر وسوريا، وخلال الـ25 عاما منذ عام 1948 وحتى 1973 لم تتعرض إسرائيل لخطر الدمار بصورة ملموسة كما حدث في ذلك اليوم المصيري».
الجنرال شموائيل جونين.. قائد جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في جبهة سيناء
ووصف الجنرال شموائيل جونين قائد جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في جبهة سيناء، هذه الحرب بأنها صعبة، ومعارك المدرعات بها كانت قاسية وأن معارك الجو فيها مريرة، موضحا أن «الجندي المصري كان يتقدم في موجات تلو موجات رغم إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليه، إلا أنه يواصل تقدمه ويحيل ما حوله إلى جحيم ويظل يتقدم».
نقلًا عن العدد الورقي…