حبة الغلة تقتل 100 مواطن في المنوفية.. وقسم السموم يطالب بتشريع لحظر تداولها
تسببت "حبة الغلة القاتلة" في فقدان الكثير لحياتهم خاصة في حوادث الانتحار وباتت ظاهرة تشكل خطرًا كبيرًا وأرقامًا مخيفة كشف عنها قسم السموم بجامعة المنوفية.
قرص حفظ القمح المعروف بالحبة القاتلة بات الوسيلة الأكثر شيوعًا بين الشباب الذين يمرون بأزمات نفسية أو مادية، حيث يستخدمونها للخلاص من الحياة.
الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام الجاري سجل قسم السموم بمستشفى جامعة المنوفية 49 حالة بينهم 22 فتاة و27 ذكر، حيث استقبل القسم 27 حالة تراوحت أعمارهم من 12 عامًا إلى 20 عامًا، بينما تم استقبال 8 حالات تراوحت أعمارهم بين الـ 20 والـ 40 عاما، و14 حالة فوق سن الأربعين.
واحتل مركز قويسنا المركز الأول فى عدد الحالات مسجلًا 10 حالات، بينما سجل مركز بركة السبع 9 حالات، ومركز شبين الكوم 7 حالات، ومركز منوف 6 حالات، ومركز تلا 5 حالات، ومركز الشهداء 4 حالات، ومركز البجور 3 حالات، وسجل مركز أشمون ومدينة سرس الليان حالة لكل منهما.
20 حالة وفاة خلال شهر واحد
كما استقبل قسم السموم بجامعة المنوفية خلال شهر يونيو 20 حالة وفاة، وفى شهر يولية تم استقبال 67 حالة وتوفي منهم 18 حالة، بسبب زنك فوسفيد وألومنيوم فوسفيد، وتراوحت أعمار المصابين من 16 لـ 50 عاما، وفي شهر أغسطس استقبل القسم 57 حالة توفي منهم 9 فقط، وتراوحت أعمار المصابين من 12 حتى 53 عاما.
الدكتورة عزة زناتى رئيس قسم الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب جامعة المنوفية، قالت فى تصريحات لـ "فيتو" أن عدد الحالات التى يستقبلها القسم ينذر بوجود خطر كبير لابد من مواجهته بتشريعات تحد من تداول الحبة القاتلة حرصًا على حياة الشباب خاصة الذين يمرون بأزمات سواء كانت نفسية أو مادية.
أسباب الوفاة بحبة الغلة
وعن سبب وفاة عدد كبير من المتناولين لحبة الغلة أكدت أن ذلك يرجع لعدم وجود ترياق مضاد لتأثيرها الذى يحدثه تناولها وشرب الماء أو سوائل بعد حبة الغلة حيث تتفاعل السوائل مع الحبة وتكون سببا في الوفاة العاجلة ولا نستطيع إنقاذهم، لافتة إلى أنه تم إنقاذ البعض ممن تناولها، مرجعة ذلك إلى تعرضه للقىء عقب تناولها مباشرة، مشيرة إلى أن هناك من يدعى تناولها على عكس الحقيقة ويتم كشف ذلك عقب خضوعه للتحاليل اللازمة داخل القسم.
وطالبت الزناتى باستحداث تشريع بمجلس النواب يحظر تداول حبة الغلة وإقصار تداولها بالإدارات الزراعية، معلنة أن قسم السموم أخرج من قبل توصياته لوقف حصاد الأرواح بحبة الغلة ونشرها مقطع مصور للتوعية بخطورتها وكيفية التعامل مع من أخذها سريعا.
وكان مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، قال إن الإسلام أمر بالحفاظ علىٰ النفس البشرية؛ بل جعلها من الضروريات الخمس التي تجب رعايتها، وهي: الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل.
وأوضح «مركز الأزهر» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه قال الشاطبي: «فقد اتفقت الأمة -بل سائر الملل- علىٰ أنَّ الشَّريعة وُضعت للمحافظة علىٰ الضروريات الخمس -وهي: الدِّين، والنَّفس، والنَّسل، والمال، والعقل- وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليلٍ معين، ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه، بل عُلمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلةٍ لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلىٰ شيء معين لوجب عادة تعيينه» [الموافقات للشاطبي].
وأضاف أن بذل الوسع في حفظ النفس مطلوب، ولو وصل الأمر في حالة الاضطرار إلىٰ مواقعة محرم ليبقي المرء علىٰ نفسه، ويحفظها من الهلاك، قائلًا: ومن العجيب أن يصل الحال بإنسان أن ينهي حياته بيده، وكأنها ملك خالص له، وكأن الموت سينهي معاناته ويريحه من كل مشاكله، ولا يخفىٰ علىٰ كل ذي عقل أن هذا الظنّ خاطئ بيِّن الخطأ؛ فالله سبحانه وتعالىٰ خلقنا واستعمرنا في الأرض، وأعلمنا أن الدنيا دار عناء وابتلاء.
واستشهد بما قال تعالىٰ: « لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ» الآية 4 من سورة البلد، وقال عز من قائل: « وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ » الآية 165 من سورة الأنعام، منوهًا بأن المؤمن يعلم هذه الحقيقة؛ ولذلك يستقبل المصائب بالصبر والاحتساب، وقد ساق الحق سبحانه وتعالىٰ البشرىٰ لمن صبر علىٰ البلاء ولم يجزع.
ودلل بما قال سبحانه: « وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)» من سورة البقرة، وفي صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له».
وتابع: ولذلك فالمقدِم علىٰ هذه الجريمة ظالم لنفسه، مهما حاول أن يلقي باللائمة علىٰ الظروف المعيشية والحياتية فهذا ليس مبررًا للانتحار، مشيرًا إلى أن قتل النفس من أكبر الكبائر؛ فهي إزهاق للروح التي حبانا اللهُ إياها، وعدم صبر علىٰ اختبار الله سبحانه وتعالىٰ: « الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» الآية 2 من سورة الملك، واستعجال ما قدر.
ونبه إلى أنه لذلك توعد اللهُ سبحانه وتعالىٰ المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالىٰ: « وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) » من سورة النساء، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكّينًا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتىٰ مات، قال الله تعالىٰ: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة» أخرجه البخاري.
وأفاد بأنه قد لا تنجيك أعمالك الصالحة في الدنيا حال ارتكابك لهذه الجريمة الشنعاء من العقاب - « إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ» [هود: 119]-، ولنا في هذه القصة العبرة والشاهد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: شهدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار»، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالًا شديدًا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت له إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالًا شديدًا وقد مات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إلىٰ النار».
واستطرد: قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم علىٰ ذلك، إذ قيل: إنه لم يمتْ؛ ولكن به جراح شديد، فلما كان من الليل لم يصبر علىٰ الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: «الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله»، ثم أمر بلالًا فنادىٰ بالناس: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» أخرجه البخاري، لافتًا إلى أن المسلم مُبتلىً، والمؤمن الصادق يعلم أن هذه الدّار ليست دار راحة، بل هي دار عناء وتعب، ومواجهة هذه المتاعب لا بد لها من إيمان ويقين، كما قال تعالىٰ: « وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ» الآية 118 من سورة التوبة.