في مواجهة الإعصار
أتنقل بين صفحات المواقع الإلكترونية العربية والعالمية وأمامي شاشة كبيرة تأخذني أحيانا لمتابعة هذا الوحش الكاسر والذي أطلق عليه "إعصار شاهين" وهو يجوب الخليج العربي مهددا كل شيء. سبحانك اللهم ما زلنا أمام الظواهر الطبيعية شبه عاجزين مهما بذلنا من جهود ومهما تقدمت عجلة العلم لتنبؤنا بموعد الأعاصير والتوقع بحجمها ومن ثم آثارها.
الصور التي نقلتها كاميرات المحترفين والهواة مفزعة.. لا شيء يواجه هذا المارد الجبار وهو يهز الأرض هزا ويسقط من السماء شلالات من المياه تغرق كل ما يواجهها.. تجرف البيوت والسيارات والأشجار في واحد من أكثر المشاهد رعبا وخوفا ورهبة.
يكتسب الإعصار قوة فوق قوته وهو يمضى إلى سواحل سلطنة عمان الشقيقة.. يدور حول نفسه وترتفع حدته ليصل جدار الإعصار قبل عينه بسحب ركامية أمطرت المدن العمانية بسيول جارفة وسحابة كثيفة وصل ارتفاعها إلى قرابة الـ ١٦ كيلومترا كاملة. وصلت سرعة الرياح إلى حوالى ١٤٠ كيلومترا في الساعة وتجاوزت كمية الأمطار في بعض مناطق السلطنة ١٥٠ملمم وبدا أن الموقف الصعب يحيط بأهلنا هناك وتعددت الاستغاثات في لحظات قاسية وصعبة.
عبور الخطر
اكتسب أهلنا في السلطنة خبرات تراكمت خلال سنوات ماضية واجهوا فيها مثل هذا الإعصار، ورغم أن الوضع هذه المرة كان الأصعب، فإن الأجهزة الرسمية كانت قد أعدت العدة لتلك المواجهة فكانت على قدر المسئولية الإنسانية والوطنية التي كلفت بها وتدربت عليها مرات ومرات.
وعي المواطن العماني والتزامه بالإجراءات التي نبهت إليها السلطات على مدار الفترة الماضية كان له أثر كبير في تقليل الآثار السلبية لكارثة طبيعية هددت الأخضر واليابس. كل إمكانيات الدولة العمانية كانت على خط المواجهة بدءا بالإجراءات المسبقة ووصولا إلى جاهزية سلاح الجو السلطاني ومشاركته في المواجهة المصيرية.
قلبي مع بلاد اعتركت البحر طريقا للحضارة في تاريخها التليد وشعب لا يزال إسهامه الحضاري يشهد بنضجه وقدرته على مواجهة الصعاب، ويقيني أن أهلنا في عمان قادرون بتعاونهم وتكاتفهم على عبور الخطر.