من الإخوان إلى طالبان.. خطورة التنظيمات السرية على الدولة الوطنية
يقلل البعض بغرابة شديدة من خطورة التنظيمات السرية، باعتبارها لا تستطيع تشكيل قوام دولة، فمهما كانت لها مهام متطرفة، أو عمليات عقابية إرهابية ضد رموز الحكم الذي تعارضه، في النهاية لا يمكن لمثل هذا التنظيم الذي يقوم على السمع والطاعة، أو لم يتعود على الحوار وإدارة التنافس مع باقي مكونات ومؤسسات الدولة.
خطورة التنظيم السري
لكن الواقع أثبت عكس ذلك تماما، فالتنظيمات السرية استطاعت إخفاء رجالها، وهوية قيادتها، وادرات حرب صفرية يقودها متطرفين غير معلوم بياناتهم لأحد، ومع استمرار استنزاف الدولة، يصعد التنظيم على السطح بأذرع سياسية قادرة على مخاطبة البسطاء والعوام عبر تسييس الدين وخداع الفقراء.
ويقلل إبراهيم ربيع، الكاتب والباحث من استغراب البعض حول قدرة التنظيمات السرية على الصعود لسدة الحكم، مؤكدا أن حركة طالبان الجهادية بأفغانستان أعادت انتشارها وتمركزها بسرعة مذهلة بعد انسحاب أمريكا بساعات، مؤكدا أن هذه هي طبيعة التنظيمات السرية، مثل الجمرة تظل كامنة تحت الرماد وعند هبوب بعض الرياح تشتعل وتتمد وتنتشر النار في الهشيم.
تدمير البنية التحتية
وأوضح ربيع أن تنظيم طالبان ظل مجمدا لمدة عشرين عاما «2001-2021» وعقب إعلان القوات الأمريكية انسحابها، انطلق تنظيم طالبان في الانتشار كأنه لم يغب يوما، بسبب عدم هدم وتدمير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية الحاضنة والحاملة والرافعة للتنظيم، ولم يتم إزالة آثار الاحتلال الطالباني عن عقل ووجدان وتفكير المواطن الأفغاني، وتحرير وجدانه وعقله.
واختتم: الدرس عندنا، إذا لم نقم بتدمير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية الحاضنة والحاملة والرافعة لتنظيم «الإخواسلفي» ـ يقصد الإخوان والسلفيين ـ عن نفسية وعقلية وتفكير المواطن المصري وتحرير وجدانه وتنوير عقله، مع هبوب أي رياح عكسية سترون طالبان مصر تعيد الانتشار والتمركز على ربوع الوطن بسرعة أكثر إذهالا وإدهاشا من طالبان أفغانستان.
قصة طالبان
وكانت حركة "طالبان"، دخلت العاصمة الأفغانية كابول، بعد السيطرة على مدن كبرى في أفغانستان، على الرغم من أن واشنطن أرسلت الآلاف من جنودها لردعها، كما قامت باستهدافها جوًا لمنع تمدُّدها أو إعاقته، بينما كانت أنفقت، على مدى عقدين، مئات المليارات من الدولارات خلال وجودها هناك.
ومع قبول الرئيس الأفغاني أشرف غني الاستقالةَ وتعهُّدِه بنَقْلَ السلطة، وهروبِه بعد ذلك مع عدد كبير من مسئولي الدولة الآسيوية، وإجلاءِ عددٍ آخر منهم، الأمر الذي يشير إلى انتهاء تجربة غربية استمرت 20 عامًا أصبحت طالبان الخيار الوحيد للولايات المتحدة التي دخلت في مفاوضات معها، وسحبت قواتها وتركت الحركة الأصولية الأفغانية تسيطر على كبرى المدن والولايات في غضون أشهر قليلة، وبسرعة قياسية، وباتت تمتلك ترسانة هائلة من السلاح غنمتها من القوات الأفغانية المدعومة أميركيًا.
ويرى محللون أن التقدم السريع لمقاتلي "طالبان" في أفغانستان يعكس فشل جهود الولايات المتحدة في تحويل الجيش الأفغاني إلى قوة قتالية قوية ومستقلة، ويشير إلى الحسابات الأميركية الخاطئة خلال الأيام الماضية، بعد أن كان مسؤول عسكري أميركي نقل مؤخّرًا عن المخابرات الأميركية قولها إن "طالبان" قد تستولي على كابول في غضون 90 يومًا.