هل تسمح السلفية بممارسة السياسة من خلال الأحزاب المدنية؟
منذ صعود السلفية والتيار السلفي على مسرح الأحداث بعد ثورة 25 يناير عام 2011، والتيار السلفي تغير كليًا، تمرد قطاع كبير منه على أفكاره القديمة، وأصبح يرفض بشكل واضع تحريم العمل السياسي الحزبي، واعتبار الديمقراطية كفر وإلحاد، باعتبارها تتعارض مع منطق الشورى المعروف في الإسلام.
الهروب إلى الأمام
ولعبت تيارات سلفية على عدة نصوص للهروب إلى الأمام أمام الجماهير السلفية ومعارضيها من داخل التيار الديني الذين تحولوا للعمل السياسي منذ سنوات بعيدة على شاكلة الإخوان، ورفضوا الرؤية السلفية بالانعزال في الدعوة وممارسة التغيير من أسفل عبر استقطاب الجماهير من خلال العمل الخيري والديني للانضمام للفكر السلفي، وبهذا يتم تجهيز المجتمع حتى تحين اللحظة الفارقة.
ويطرح السؤال نفسه: هل تبيح السلفية التحزب والعمل من خلال الدولة المدنية في شكلها الحديث ؟
ويقول حسين مطاوع، الداعية السلفي، أنه لا يوجد ما يسمى بالجماعة السلفية ولا التيار السلفي ولا الأحزاب السلفية في الإسلام، موضحا أن كل هذه المسميات صنعت لصد الناس وتنفيرهم عن المنهج السلفي الصحيح الذي هو منهج صحابة رسول الله، على حد قوله.
وأشار مطاوع إلى أن منهج السلف، هو منهج التوحيد الذي يقوم على إفراد الله بالعبادة وبالاتباع، موضحا أنه منهج وسطي لا إفراط فيه كما هو حال دعاة الخوارج ولا تفريط كما هو حال دعاة الانحلال، على حد وصفه.
وأضاف: إذا رأيت من يقول ان فلان تابع للتيار السلفى أو أن فلان تابع لحزب كذا السلفى فاعلم أنه ضال أو مغرض، فكلا الفريقين لا عدو لهما في الحقيقة إلا المنهج السلفي الصحيح ودعاته، لذلك تجدهما ومعهما شتى صنوف أهل البدع متفقون على محاربة الدعاة الحقيقيين ووصفهم بأوصاف تنفيرية، وهمزهم ولمزهم والكذب والافتراء عليهم، ويحاربون من ينكر ذلك، لأنه يبين فسادهم فيتكالبون عليه لمحاربته.
منهج كبار السلف
والسلفيه حسب أحد علمائها الكبار الشيخ محمد بن صالح العثيمين هي اتباع منهج النبي وأصحابه، واتّباع نهجهم هو السلفية، وهي ما يعبر عنه بعضهم بقوله منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
ويلتزم السلف بفهم النصوص الشرعية حسب المتقدمين والسابقين زمنيًا، ويبجل السلف أربع شخصيات دينية في التاريخ الفكري الإسلامي، الشخصية الأولى، هو الصحابي عبد الله بن عمر بن الخطاب والأهمية الخاصة لابن عمر تكمن في كونه عاصر أحداث الفتن والتقلبات التي حدثت منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما تبعها من حروب أهلية بين الصحابة.
وكان لابن عمر موقف مختلف من الأحداث الجارية حوله، حيث اعتزل السياسة ولم ينضم لأي حزب من الأحزاب المتنافسة على السلطة.
والشخصية الثانية هو الإمام أحمد بن حنبل الذي تعرض لاختبار في عصر المأمون والمعتصم العباسيين، إبان إثارة ما عرف بفتنة خلق القرآن، وموقف ابن حنبل الرافض للاعتراف بخلق القرآن، وإصراره على القول إنه كلام الله وحسب، أدى لإعلاء شأن ابن حنبل، وترسيخ مكانته في العقلية السلفية.
والشخصية الثالثة هو ابن تيمية الذي عُرف بـ شيخ الإسلام واشتهر برفضه لمظاهر البدع والمخالفات المذهبية الاعتقادية المنتشرة في عصره خصوصًا آراء ومعتقدات الشيعة الإمامية التي تصدى للرد عليها في كتابه منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة القدرية.
أما الشخصية الرابعة، فهو محمد بن عبد الوهاب وهو أقرب الرجال الثلاثة إلى عصرنا الحاضر ومنه أخذ السلفيون لقبهم الأكثر شهرة الوهابيون.