سر تجدد الحرب بين السلفيين والأزهريين
يعرف الأزهر جيدا موقف السلفيين من أفكاره وعقيدته الأشعرية، لم ينخدع بالمرة من اللغة اللينة التي تعامل بها قطب السلفية الأكبر في مصر الشيخ محمد حسان، خلال شهادته في قضية خلية داعش إمبابة، إذ يجمع بين الأزاهرة والسلف ميراث طويل من الصدام، لهذا لم يكن غريبا التصريحات التي خرجت من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر التي رفضت فيها الفكرة وأكدت أنها سامة ولاتناسب الحالة المصرية.
السلف والأزهر
على مدار عمر السلفية في مصر التي تقترب بشكلها ومكوناتها الحديثة كما هي الآن من الخمسة عقود، ولم يفكروا مطلقا في التقارب مع الأزهر، بل كانوا شديدي الهجوم على المؤسسة والضغط عليها للتنازل عن المذهب الأشعري، واشتعل الهجوم بشكل ناري أحيانا وخاصة بعد تزايد شهرة وقوة الفضائيات السلفية وقواعدها على الأرض.
تراجعت الحرب قليلا بعد سماح الأوقاف للسلفيين باعتلاء المنابر والتصريح لهم بالخطابة والإمامة، وهي خطوة رغم سماحة الأزهر إلا أنها كانت صعبة للغاية على مصر، إذ سيطر السلفيون على النجوع والقرى، واحتلوا مساجد وجعلوا منها منصات للفكر السلفي ما صنع بؤر كبرى للتشدد في مصر بعيدا عن سيطرة الدولة.
زمن الثورة
اكتسب السلفيون قوة كبرى في مواجهة الأزهر بعد ثورة يناير 2011، وخاصة بعد تفوق حزب النور على نفسه واكتساحه الأحزاب المدنية بسبب قواعده المنظمة الممتدة التي فاجئت الإخوان أنفسهم، حيث صعد حزب النور التابع للسلفية العلمية بالإسكندرية ليحتل المركز الثاني في البرلمان، وأصبحت المواجهة مفتوحة بشكل أكبر، والأراء السلفية لاتحسب للدولة أي حساب.
لكن تغير كل شيء بعد ثورة 30 يونيو 2013، تراجع السلفيين لأدنى مستوى ممكن، لم يحصل النور في الانتخابات البرلمانية في 2015 إلا على مقاعد محدودة تعد على أصابع اليدين وكذلك في الدورة الحالية للبرلمان، وقل كثيرا تدوير آراء كبار السلف وخاصة الشيخ عبد العزيز بن باز، الذي يحرم الجنة على الأشاعرة، بسبب مخالفتهم السلف في باب الأسماء والصفات ومبادئ أخرى.
فكر متطرف
أحمد نبوي الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف، هاجم السلفية وأكد أنها أطروحة متطرفة، وقال: لا يوجد سلفي إلا وهو يعتقد أن الأشاعرة فرقة مبتدعة وليست من أهل السنة.
وأوضح الأزهري، أنه لا يوجد تطرف أكبر من اعتبار جماهير علماء الأمة الإسلامية مبتدعة وخارج دائرة أهل السنة والجماعة، مطالبا السلفية بالاستفاقة والإبصار بالأضرار التي تسببوا فيها للدين وتراث المسلمين، واختتم حديثه قائلا: لا شيء بعد أن يبدّعون ويضللون حماة هذا الدين وصانعي تراثه وحضارته، على حد قوله.