هل انتهى زمن السمع والطاعة والقيادات الملهمة داخل الإخوان في تونس؟
تتزايد المصاعب على حركة النهضة ـ ذراع الإخوان في تونس ـ حيث يضيق الخناق عليها من كل جانب.. غليان في الخارج ورفض عارم من القوى السياسية بسبب موقفها من الرئيس قيس سعيد، بعد أن جمد البرلمان وألغى الحصانة مدعوما بتأييد شعبي عارم، وغليان في الداخل بسبب إصرار راشد الغنوشي زعيم الحركة على التحكم منفردا في قيادة المشهد السياسي والتنظيمي على مستوى الحركة.
السمع والطاعة
وتفتح هذه التعقيدات الباب للسؤال: هل انتهى زمن القيادات الملهمة التي لايأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها بعد تبين حجم الكارثة ؟
يقول محمد دحروج، الداعية الإسلامي والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن أزمة تونس والصراع الداخلي فى حزب النهضة ليس وليد اللحظة وانما نتيجة تراكمات استمرت لعقود منذ نشأة الحركة، لافتا إلى أن إدارة حزب ليست كإدارة جماعة، وكلاهما يختلف عن إدارة دولة وحكومة وبرلمان.
وأشار الباحث إلى أن الغنوشى كان ينفرد بكل هذه الصلاحيات وله فيها الكلمة الأولى والأخيرة حتى أصبح ديكتاتورا لا يطاق في البلاد وهو السبب في كل الكوارث التي انتهت إليها أزمة تونس.
وأضاف: التصدع الحالي في الحياة السياسية التونسية، ينذر بنهاية مشروع الإخوان للأبد، خاصة في ظل تمسك الغنوشى بقيادة الحركة حتى آخر نفس.
واختتم حديثه قائلا: لا سبيل للنجاة من أزمة تونس بالاستقالات الجماعية في القيادة والمكاتب التنفيذية والمكاتب الجهوية بل باستقالة الغنوشى نفسه والتخلى عن تصدره لجيل جديد يرفض السمع المشهد وافساح المجال لغيره.
استقالات بالجملة
وقرر 113 قيادي بحزب حركة النهضة ـ ذراع الإخوان في تونس ـ تقديم استقالاتهم بشكل جماعي قبل أيام، بسبب ما وصفوه بالسياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، وحملوه المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية، ووصل بها إلى حالة غير مسبوقة من الرفض الشعبي والغضب الذي دفع الرئيس قيس سعيد للإعلان عن الإجراءات التصحيحية في 25 يوليو الماضي، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، وإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، فضلا عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة لكافة الأطراف.
وكان الغنوشي رشح الأسماء المقربة منه على غرار نور الدين البحيري وأحمد قعلول لعضوية المكتب التنفيذي، وهي الأسماء المسؤولة داخليا وخارجيا عن التردي الذي أصاب الحياة السياسية، مما يؤكد أن حركة النهضة الإخوانية تصر على البقاء وحيدة في مواجهة مصير ضبابي بعد أن تخلى عنها حلفاء الماضي واحدا تلو الآخر، بالتزامن مع التغييرات السياسية الكبيرة التي تشهدها البلاد منذ 25 يوليو الماضي، وفشل الحركة في احتواء غضب الشارع.
وبحسب خبراء، فالقيادات المستقيلة من النهضة قد تلجأ لتدشين حزب سياسي جديد بعيدا عن منهج الحركة لكسب مساحة في الشارع السياسي التونسي، لكن هذه التجربة لا يمكن التنبؤ بنتائجها لأنها ستظل رهينة بوعي المواطن في التعامل مع أي تيار له علاقة بسياسات الحركة المرفوضة، والتي تصل إلى حد الإجرام بحق الشعب التونسي.