رئيس التحرير
عصام كامل

بارك الله في الكرافت والفلوتنج

عندما تشتري أي كمية من اللب أو السوداني أو الحمص يضعها البائع في كيس بني اللون، وعندما تأتي إليك سلعة في كرتونة غالبا ما تجد لون ورق الكرتونة بنياً، وعندما تنظر إلى شيكارة الاسمنت تجد لون ورقها بنياً، وكانت الفاكهة والمنتجات المختلفة قبل سنوات تعبأ في أكياس كبيرة بنية اللون، وتأتي بعض المغلفات والأظرف باللون البني، وتجد بعض اللوحات ترسم على اللون البني، وتجد بعض ألواح الكارتون التي تغلف المنتجات الثقيلة أو الخفيفة باللون البني، وتجد بعض المأكولات تغلف بأكياس بنية اللون سميكة أحيانا الخ..

 

ويرجع استخدام ذلك النوع من الورق إلى عدة أساب: منها أنه مقاوم للرطوبة ويتميز بالقوة والمتانة والنظافة، وهذا الورق يسمى بورق الكرافت والفلوتنج، وفي مصر مصانع كثيرة لإنتاج ذلك النوع من الورق، وإلى العام الماضي كان الإنتاج المصري يعاني بشدة في مصر ولا يستطيع المنافسة في الأسواق العالمية التي تحتلها دول كثيرة يأتي على رأسها أمريكا والصين واليابان، وتركيا وكندا وألمانيا وفنلندا والسويد.

 

 

وكان عام 2019 من أكثر الأعوام شدة على صناعة الكرافت والفلوتنج، حيث كانت هذه الصناعة في هذا العام مهددة بالتوقف تماما، ووقعت مصانع ذلك القطاع فى أزمة ركود؛ بسبب عدم قدرتها على منافسة المنتجات المستوردة؛ لارتفاع تكلفة الإنتاج المحلى بالتزامن مع هبوط سعر المنتج المستورد نهائى الصنع. فكانت المواد الخام سواء لب الشجر المستورد أو مخلفات قصب السكر، يتم تحميلهما بضريبة قيمة مُضافة %14 لكليهما، لكن ذلك النوع من الورق تام الصنع المستورد، معفى من الجمارك ! ومع ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والمياه، خلال السنوات الماضية، كان له أثر سلبى كبير على تكلفة التصنيع.

إنتاج الكرافت والفلوتنج

 

لكن – سبحان الله – مع تداعيات كورونا واحتراق الكثير من الغابات التي أشجارها أساسية في تلك الصناعة، ومع ميل الدول للتخفيف من أعباء المصانع، بدأ إنتاج الدول العالمية من الكرافت والفلوتنج يقل، وتزيد تكلفة تصنيعه في هذه الدول، بينما كانت المصانع في مصر مكتظة بالمنتج الراكد، فكانت الفرصة لزيادة الصادرات المصرية من ذلك المنتج حيث زاد الطلب عليه عالميا، فارتفعت صادرات ذلك المنتج في آخر ثماني أشهر من العام الجاري، نظرا لإرتفاع تكلفة إنتاج هذه النوعية من الورق بالخارج والإتجاه إلى مصر للإستيراد منها، فاتجهت العديد من الدول إلى الاستيراد من مصر لقدرتها على إنتاج هذه النوعية من الورق بسعر أقل.

 

وبحسب بيان من المجلس التصديري للطباعة، قفزت صادرات ورق الفلوتنج إلى 48.98 مليون دولار خلال أول 8 أشهر من 2021 مقابل 4.8 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2020. وزادت صادرات الكرافت إلى 3.826 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2021 مقابل 471 ألف دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وقد رفعت زيادة الطلب على تصدير الورق الكرافت والفلوتنج أسعاره محليا بشكل تدريجي منذ بداية العام إلى 10 آلاف جنيه للطن حاليا مقابل 5 آلاف جنيه للطن قبل الزيادة.

 

وقد ذكر أحد المتخصصين أن سعر طن الورق الكرافت ارتفع حوالى 200 يورو مؤخرا من 750 إلى 900 يورو مع عودة ارتفاع الطلب على الورق عالميًا، وذلك عقب تراجعات كبيرة في الطلب طوال عام جائحة فيروس كورونا. وأن الخلل الكبير الذى شهدته سلاسل الامداد والتوريد خلال عام 2020، أثر بصورة واضحة على سعر طن الورق، حيث تراجع الطلب ومن ثم تراجعت الأسعار، لكن مع حدوث انفراجه في الأزمة، ارتفع الطلب بصورة غير مسبوقة مما تسبب في ارتفاع الأسعار بهذا الحد. وهناك طلب مرتفع نسبيا في مصر على المنتجات الورقية وأكياس الطعام والعلب الكرتون وبعض المنتجات التي تستخدم في المأكولات والمشروبات "التيك أوى"، نتيجة الإجراءات الاحترازية واستمرار عمل المطاعم والكافيهات عبر الاعتماد على هذه المنتجات، من أجل الحد من التزاحم في الأماكن العامة.

معوقات الصناعة

 

وتبلغ الإستثمارات في هذا القطاع نحو 50 مليار جنيه، وهو قطاع واعد له تأثير إيجابي على الإقتصاد والبيئة حيث إن هذه الصناعة صديقة للبيئة من خلال إستخدام وتدوير المخلفات الورقية والكرتونية والمقدرة بحوالي 2 مليون طن مخلفات متاحة سنويا، قد تكلف الدولة 2 مليار جنيه للتخلص الآمن منها. وتفي طاقة القطاع الإنتاجية باحتياجات السوق المحلى، فحجم إنتاج المصانع من ورق الكتابة والطباعة سنويا نحو 171.632 ألف طن سنويا، فيما يتراوح حجم إنتاج الورق الكرافت من 210 آلاف طن إلى 425 ألف طن، ويبلغ حجم إنتاج ورق الفلوتنج نحو215 ألف طن، ويعمل بقطاع الورق والكرتون نحو من 35 الف عامل بالإضافة الي حوالي 20 الف عمالة مؤقتة. وإجمالى عدد المصانع العاملة في صناعة الكرتون المضلع بلغ 522 مصنعا. 

 

ورغم هذه الطفرات الإلهية في هذا المنتج وسوقه الواعدة بقوة، إلا أن هناك بعض المعوقات ما زالت موجودة تخنق هذه الصناعة، ولو أزيلت لخلت السوق العالمية للمنتج المصري وزاد حجم التصدير إلى أرقام هائلة تعود على مصر كلها بالخير والنماء والرخاء، ومن هذه المعوقات عدم وجود رسم وارد على المنتجات المستوردة، وعدم الرقابة على المصانع التي تستورد خامات الإنتاج بكميات مفتوحة لتعيد بيعها في السوق المحلية بأسعار كبيرة تؤدي لزيادة سعر المنتج النهائي، وحظر استيراد ورق الصحف لغير المؤسسات الصحفية، وقصر استيراد المطابع والمصانع على احتياجاتها طبقا لطاقتها الإنتاجية بالسجل الصناعي وليس لغرض الإتجار، بالإضافة إلى عدم خصم ضريبة القيمة المضافة من المستورد لورق الكتابة والصحف وإضافتها الى ثمن المستورد لإعطاء الفرصة للإنتاج المحلي.

الجريدة الرسمية