"ورا بوتفليقة فى الحياة والموت".. عبدالقادر بن صالح رئيس الصدفة بالجزائر
شاءت الأقدار أن يلحق عبد القادر بن صالح، الرئيس الجزائري الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة، فى الحياة والموت، ولحق به إلى العالم الآخر عن عمر ناهز 80 سنة بعد صراع مع المرض.
ولد عبد القادر بن صالح، فى 24 نوفمبر 1941 في بني مسهل "بلدية المهراز" بولاية تلمسان غربي الجزائر، تلقى دراسته الابتدائية في عين يوسف التابعة لدائرة الرمشي بتلمسان.
التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق بسوريا عام 1962، وحصل منها على شهادة البكالوريوس.
بدأ حياته المهنية صحفيا في جريدة "الشعب" الحكومية عام 1967، وأصبح مديرا عاما للجريدة في الفترة من 1974 إلى 1977.
جيش التحرير
التحق عبد القادر بن صالح بصفوف جيش التحرير الوطني انطلاقا من المغرب عام 1959، حيث تلقى تدريبات على زرع ونزع الألغام بمدينة العرايش، والتحق بقاعدة جيش التحرير الوطني في زغنغن.
شغل مهمة محافظ سياسي بالمنطقة الثامنة -التابعة للولاية الخامسة- حتى استقلال الجزائر في الخامس من يوليو 1962، وبعدها سُرح من جيش التحرير بطلب منه.
ثم أصبح نائبا في البرلمان عن ولايته تلمسان لـ3 دورات متتالية ابتداء من سنة 1977، وفى عام 1989 عين سفيرا للجزائر في السعودية، وممثلا دائما لدى منظمة التعاون الإسلامي بجدة، وأصبح ناطقا باسم الخارجية الجزائرية عام 1993.
بدأ نجم الراحل عبدالقاد بن صالح يبزغ داخل النظام خلال فترة "العشرية السوداء" التي عرفتها البلاد بعد توقيف المسار الانتخابي مطلع 1992.
خلال تلك الفترة عرفت البلاد مجازر مروعة نتيجة الصدام مع الإسلاميين، فقرر النظام تأسيس حزب سياسي بديل للحزب التاريخي جبهة التحرير الوطني ضمن خطة لتجديد الواجهة السياسية للبلاد ودعمها بالعناصر الشابة.
وأُعلن ميلاد حزب التجمع الوطني الديمقراطي ثاني أقوى الأحزاب الموالية للسلطة بعد "جبهة التحرير الوطني" ـعام 1997، الذي كان بن صالح أحد مؤسسيه.
مسيرة عبدالقادر صالح
خلال مسيرته السياسية ترأس المجلس الشعبي الوطني الغرفة الأولى للبرلمان لدورة واحدة ـعام 1997، ثم أصبح رئيسا لمجلس الأمة عام 2000.
بعد اندلاع "الربيع العربي" و"انتفاضة الزيت والسكر بالجزائر" في يناير 2011، نظمت السلطة سلسلة مشاورات واسعة مع أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية للاستماع إلى مقترحاتها لإطلاق حزمة إصلاحات أهمها تعديل الدستور، وترأس صالح الهيئة التي شكلتها السلطة لإدارة الحوار.
رفع عبدالقادر بن صالح رئيس هيئة المشاورات تقريرا شاملا لبوتفليقة، عقب لقاءات مع رؤساء أحزاب وفعاليات المجتمع المدني وشخصيات وطنية، تمت بلورته في جملة من القوانين صدرت عام 2012.
وخلال عام 2012 عندما دخل حزب التجمع الوطني الديمقراطي في أزمة عاصفة انتهت باستقالة أمينه العام أحمد أويحيى، تم استدعاء عبد القادر بن صالح لتولي رئاسة الحزب بالنيابة.
وانتخب عام 2013 في مؤتمر استثنائي للحزب أمينا عاما له، قبل أن يقدم استقالته في 2015، مفسحا المجال أمام عودة أويحيى.
عقب إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية فى نفس العام، بات بن صالح الممثل الشخصي للرئيس الجزائري في المحافل الإقليمية والدولية، وبالأخص في دورات جامعة الدول العربية.
دقيق الحسابات
حرص بن صالح على تجنب اتخاذ أي مواقف قد تغضب أحد أقطاب النظام. وتقول بعض القيادات في حزبه إنه "يحسب لكل صغيرة وكبيرة لدرجة الجبن"، وغالبا ما اتهم مقربين منه بأنهم "يريدون دفعه للخطأ".
لا يُعرف السبب الحقيقي لتمسك الرئيس عبد العزيز بوتفليقة به رجلا ثانيا في الدولة، وثار جدل في الجزائر حول تاريخ عائلة بن صالح حين روجت شائعات تفيد بأنه مغربي، وأعطي الجنسية الجزائرية عام 1965.
فى أبريل 2019 أعلن الرئيس بوتفليقة استقالته من منصب الرئاسة قبل أسابيع قليلة من نهاية عهدته في 28 أبريل، ليتولى صالح المسؤولية مؤقتا تطبيقا للمادة 102 من الدستور باعتباره رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) التي تنص على أن رئيس مجلس الأمة يتولى الرئاسة مؤقتا لمدة 90 يوما، يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية لا يترشح فيها.
وسلم عبدالقادر بن صالح مهام الرئاسة للرئيس الجديد عبد المجيد تبون يوم 19 ديسمبر 2019، بعد فوز الأخير في اقتراع رئاسي جرى يوم 12 من الشهر نفسه.
هادئ وكتوم
كان من المقرر أن يعود بن صالح -بعد تسليم المهام لتبون- إلى رئاسة مجلس الأمة، الذي كان يرأسه منذ 2002، وهو ما يجعله الرجل الثاني في الدولة، لكن الرئاسة أعلنت بعدها أن عبدالقادر بن صالح قرر الاستقالة من منصبه والانسحاب من الحياة السياسية، في حين قالت مصادر إن حالته الصحية تدهورت.
واجه الرجل في تلك المرحلة وضعا سياسيا معقدا دام 8 أشهر بين أبريل وديسمبر 2019، وسط شارع ثائر يطالب برحيل كل رموز النظام، وسلطة تحاول عبور المرحلة بأقل تكلفة سياسية.
ويعرف عن بن صالح أنه رجل هادئ وكتوم، لا يحب الظهور الإعلامي، لم يسبق له الظهور في مؤتمر صحفي لدى توليه قيادة الدولة أو مجلس الأمة أو حزب التجمع الوطني الديمقراطي "مشارك في الائتلاف الحاكم/ يمين وسط"؛ إذ لا يتواصل إلا عبر خطابات رسمية وبيانات مكتوبة.
خلال قيادته للدولة، كان يظهر فقط لإلقاء خطابات للشعب في مناسبات رسمية أو لإعلان قرارات سياسية.