بالتفاصيل.. السيسي أول رئيس مصري يشارك في اجتماعات الأمم المتحدة 8 سنوات متتالية
حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المنصب في عام 2014 على المشاركة السنوية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي توفر فرصة مهمة للقاء كبار المسؤولين العالميين واستعراض حقيقة الأوضاع الداخلية وتوضيح عدد من المفاهيم الخاطئة عن مصر.
ونرصد أبرز المعلومات عن مشاركة الرئيس السيسي:
- يعود حرص الرئيس السيسي على المشاركة المنتظمة فى الاجتماعات السنوية الدورية للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى الأهمية الكبيرة التى أصبحت تحتلها هذه الاجتماعات فى صياغة مسارات العلاقات الدولية، ففيها يناقش قادة العالم كل قضايا المجتمع الدولى، من قضايا السلم والأمن الدوليين، وإدارة الصراعات الإقليمية والدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، إلى قضايا التنمية المستدامة والتعليم ومكافحة الفقر، وقضايا الصحة والتعاون الدولى فى مكافحة الأمراض، وصولًا إلى قضايا المناخ، وغير ذلك.
- يتسابق كبار القادة والزعماء فى السنوات الأخيرة لعرض مواقف دولهم، والسعى من أجل كل ما يحقق المصالح الوطنية لشعوبهم، ويعزز دورهم فى إطار العلاقات الدولية التى أصبحت بالفعل تدار بشكل جماعى بعد انتهاء حقبة الثنائية القطبية، وإخفاق محاولات انفراد قوة أو حتى عدد محدود من القوى الدولية بفرض دورها وإرادتها ورؤيتها على النظام الدولى.
الأولى
- شارك الرئيس السيسي في اجتماعات الدورة الـ69 للجمعية العامة عام 2014، حرص الرئيس فى خطاباته بها على شرح حقيقة ما حدث ويحدث فى مصر من تطورات، وطبيعة ما قام به الشعب المصرى من دور كبير وعظيم والوقوف مع القيادة المصرية للتخلص من قوى التطرف والشر، وبدء عملية شاملة للتنمية والإصلاح الاقتصادى الاجتماعى الشامل فى البلاد.
وخلال تلك الزيارة عقد الرئيس اجتماعات مع رؤساء 11 دولة من كل قارات العالم، من بينهم رئيس الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا، وكذلك مع رؤساء حكومات ومسئولين دوليين منهم أمين عام الأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي، إضافة إلى مسئولى دوائر اقتصادية دولية ومسئولين أمريكيين.
الثانية
- فى الدورة 70 عام 2015، عقد الرئيس السيسى لقاءات مع رؤساء 13 دولة بينهم رئيس جمهورية الصين وكرواتيا وبيلاروسيا وفلسطين، ومع 10 رؤساء حكومات بينهم هولندا والهند وإيطاليا وألمانيا وأيرلندا وإثيوبيا، بالاضافة إلى عدد من مسئولين دوليين منهم أمين عام الأمم المتحدة ومدير عام وكالة الطاقة الذرية، إلى جانب حضور قمم دولية جماعية منها قمة اعتماد أجندة التنمية لما بعد 2015 وقمة مكافحة تنظيم داعش والتطرف العنيف.
الثالثة
- فى الدورة 71 عام 2016، اجتمع الرئيس مع رؤساء 6 دول أوروبية وأفريقية وعربية ورؤساء حكومات ومسئولين دوليين، وشارك الرئيس فى قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين، وشارك أيضا فى اجتماع رفيع المستوى حول تلك القضية.
كما ترأس السيسى اجتماع مجلس الأمن والسلم الإفريقي الذى عقد بمقر منظمة الأمم المتحدة، فضلا عن مشاركته فى قمة مجلس الأمن الدولي استنادًا لعضوية مصر فى المجلس عامى 2016 - 2017 التى تناولت التطورات فى الشرق الأوسط وسوريا، وهى أول مشاركة لرئيس مصر فى قمة لمجلس الأمن.
الرابعة
- في الدورة 72 عام 2017، ألقى الرئيس السيسى كلمة خلال القمة العالمية بشأن ليبيا التى نظمتها الأمم المتحدة بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، وحث السيسى فيها المجتمع الدولى على دعم الجهود لإنجاز تسوية سياسية شاملة فى ليبيا تتوافق عليها الأطراف الليبية، وضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب فى ليبيا.
كما شارك فى قمة مجلس الأمن الدولى حول إصلاح عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، واستعرض فى كلمته أمام هذه القمة دور مصر فى هذا المجال باعتبارها سابع أكبر دولة فى العالم تساهم فى عمليات حفظ السلام.وكان لتلك الزيارة طابعا خاصا، حيث أجرى الرئيس السيسى لقاءً تاريخيًا مع مرشحى الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وهيلارى كلنيتون، بعد أن تمسك الرئيس بضرورة تلبية طلب المرشحين على قدم المساواة.. وكان لهذا اللقاء أثره الكبير فى إرساء أسس التفاهم والتقدير المتبادل بين الرئيسين السيسى وترامب فيما بعد، كما ساهم فى وضع العلاقات المصرية - الأمريكية على طريق مستوى أفضل من التعاون الثنائى والإقليمى والدولي.
الخامسة
- كما شارك الرئيس السيسى فى الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث كانت الأجندة المصرية زاخرة بقضايا دولية وإقليمية وقومية مهمة تتمثل فى شرح الإنجازات التى حققتها مصر وجهودها فى محاربة الإرهاب ونتائج العملية الشاملة سيناء 2018، ورؤية مصر لتطورات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط خاصة فى فلسطين وسوريا وليبيا، وذلك خلال كلمته التى ألقاها خلال فعاليات تلك الدورة.
التقى الرئيس برؤساء وقادة 5 دول، من بينهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على هامش أعمال الدورة 73 للجمعية العامة، حيث استعرض الرئيسان أوجه التعاون الثنائى بين مصر والولايات المتحدة خاصة على الصعيد الاقتصادى، وسبل زيادة حجم الأنشطة الاستثمارية للشركات الأمريكية فى مصر، وأشاد الرئيس الأمريكى بالخطوات الناجحة التى تم اتخاذها لإصلاح الاقتصاد المصرى وزيادة تنافسيته، مؤكدًا رغبة الولايات المتحدة فى زيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين وتعزيز الاستثمارات المشتركة بينهما.
كما التقى الرئيس بعدد من رؤساء الدول والحكومات الأخرى، فضلًا عن لقاء السيسى لعدد من رؤساء الحكومات ومسئولى منظمات ومؤسسات اقتصادية عالمية.. كما شارك الرئيس فى قمة نيلسون مانديلا للسلام التى تزامنت مع احتفالات أفريقيا بمئوية الزعيم الراحل مانديلا، وألقى خلالها كلمة أكد فيها على دعم مصر للجهود الرامية لتعزيز دور الأمم المتحدة فى العمل على تكامل مختلف المقاربات للارتقاء بفاعلية وكفاءة ومصداقية المنظمة من أجل تعزيز قدرتها على تحقيق غايات ومقاصد الميثاق فى تحقيق وصيانة السلم والأمن الدوليين، والحفاظ على قيم التسامح والاحترام المتبادل وتفهم وقبول الآخر، تلك القيم التى خلدتها سيرة الزعيم نيلسون مانديلا لتكون نبراسا للعمل الدولى متعدد الأطراف.
السادسة
- شارك الرئيس في جلسات الشق رفيع المستوى لاجتماعات الدورة الـ 74 للجمعية العامة، حيث ألقى الرئيس بيان مصر حيث تطرق الرئيس السيسى فى بيانه إلى تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية فى منطقة الشرق الأوسط إلى جانب ما تبذله مصر من خلال رئاسة الاتحاد الأفريقى وتحويل الأفكار إلى خطط فعالة.
السابعة
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بيان مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الفيديو كونفرانس فى جلسات الشق رفيع المستوى لاجتماعات الدورة الـ 75 للجمعية الحالية للأمم المتحدة، حيث تطرق الرئيس السيسي فى بيانه إلى عددا من القضايا الإقليمية والدولية.. وقال إن مصر بحكم تاريخها وموقعها وانتمائها الإفريقى والعربى والإسلامى والمتوسطى وباعتبارها عضوا مؤسسا للأمم المتحدة لديها رؤيتها إزاء النهج الذى يتعين اتباعه لتحسين أداء وتطوير فاعلية النظام الدولى متعدد الأطراف مع التركيز بشكل أخص على الأمم المتحدة.
وأضاف: أود أن أغتنم هذه المناسبة لكى أستعرض بعض الإجراءات التى تتحرى بشكل عملى تحقيق أهدافنا المشتركة فى ركائز عمل الأمم المتحدة:
فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، بات من الضرورى أن نتبنى جميعا نهجا يضمن تنفيذ ما يصدر من قرارات فى الأطر متعددة الأطراف مع إيلاء الأولوية لتطبيق القواعد والمبادئ المستقرة والثابتة.. فى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى وهو ما يستلزم توافر الإرادة السياسية اللازمة لدى الدول لاحترام وتنفيذ القرارات وتفعيل مهام الأمـم المتحـدة على صـعيدين رئيسـيين.
أحدهما: المتابعة الحثيثة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.. واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لمساعدة الدول لتنفيذ التزاماتها وبناء قدراتها.. مع مراعاة مبدأ الملكية الوطنية.. والآخر: العمل على محاسبة الدول التى تتعمد خرق القانون الدولى والقرارات الأممية وبصفة خاصة قرارات مجلس الأمن.
فى هذا السياق، لم يعد من المقبول أن تظل قرارات مجلس الأمن الملزمة فى مجال مكافحة الإرهاب والتى توفر الإطار القانونى اللازم للتصدى لهذا الوباء الفتاك دون تنفيذ فعال والتزام كامل من جانب بعض الدول التى تظن أنها لن تقع تحت طائلة المحاسبة.. لأسباب سياسية.
الثامنة:
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بيان مصر أمس خلال أعمال الدورة 76 من الجمعية العامة للأمم المتحدة وجاء كالتالي:
أود في البداية، أن أعرب عن تهنئتي لكم ولبلدكم الصديق على توليكم رئاسة هذه الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة راجيا لكم النجاح والتوفيق في أعمالها.
ويطيب لي أن أشيد بالدور البناء، الذي يقوم به السكرتير العام للأمم المتحدة عبر سعيه الدؤوب لتنفيذ مبادئ ميثاقها.. الذي ظل دستورًا للعلاقات الدولية.. ومرجعًا لها لما يتجاوز خمسة وسبعين عامًا ويبقى أملا في تكريس نظام عالمي قائم على القانون، والعمل على إرساء السلام.
إن استمرار الجائحة العالمية منذ قرابة العامين أثبتت مجددًا أن البشرية مثلما تتشارك في الإخوة الإنسانية فإنها عرضة كذلك للتشارك فيما تواجهه من تحديات.. مهما تفاوتت مستويات تقدمها.
وهنا تجدر الإشارة، إلى ما يحمله موضوع دورة الجمعية العامة لهذا العام من أهمية، إذ لخص ما نحن في حاجة إليه في عالم اليوم.. من صمود في مواجهة وباء "كوفيد-۱۹" وأمل في التعافي منه الأمر الذي يلقي الضوء على أهمية تذليل الصعوبات.. أمام توفير اللقاحات لمختلف دول وشعوب العالم وضمان توافرها بصورة عادلة ومتساوية.. بل ويكسبها أولوية قصوى.
ومن هذا المنطلق، اسمحوا لي أن أستعرض من خلال هذا المحفل المهم رؤية مصر - كعضو مؤسس للأمم المتحدة ولعدد من المنظمات الإقليمية - للواقع الدولي وإسهاماتها في مواجهة التحديات التي يشهدها عالمنا اليوم.
تقدر الدولة المصرية خطورة التباين في مسارات التعافي الاقتصادي بين الدول.. وفقا لقدرتها على توفير الأعداد اللازمة من اللقاحات، حيث تستأثر الدول المتقدمة بالنصيب الأكبر من إنتاج العالم منها وتشير مصر على وجه الخصوص، إلى ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لاحتياجات القارة الأفريقية حيث باتت قارتنا الأكثر تضررًا من تداعيات الجائحة في الوقت الذي تواجه شعوبها تحديات أخرى.. لا تقل خطورة عن فيروس "كورونا" ولذا حرصت مصر على توطين صناعة اللقاحات ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها ولكن أيضا للتصدير إلى القارة الأفريقية.
إن الظروف الراهنة إنما فاقمت واقعًا تكرَّس على مدى عقود وهو القصور في التعاون الإقليمي والدولي وعكست أهمية مراعاة توسيع نطاق الدعم الدولي للعالم النامي ليشمل مجموعة الدول متوسطة الدخل فالثقل السكاني لهذه المجموعة من الدول يمنحها أهمية محورية.. كونهــا تضم غالبية سكان العالـم لذا فهي مركز أساسي لاستهلاك السلع والخدمات على المستوى الدولي ومحرك رئيسي للنمو الاقتصادي العالمي.
وعلى ضوء التحرك الدولي لإصدار ما قيمته نحو "650" مليار دولار من حقوق السحب الخاصة في إطار صندوق النقد الدولي ترى مصر أهمية بالغة في استطلاع السبل الملائمة.. لتوظيف هذه الموارد لخدمة احتياجات العالم النامي.. بما يشمل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل وفي هذا الإطار، تدعو مصر إلى تخفيف أعباء الديون عن الدول النامية وخاصة الأفريقية والدول متوسطة الدخل وتيسير شروط الاقتراض من المؤسسات الدولية والإقليمية من خلال إمدادها بأدوات للتمويل الميسر وتشجيع الاستثمارات وضمان استمرار تدفقها إلى هذه الدول لما تمثله هذه الإجراءات من عامل حيوي في دعم الجهود الوطنية للتنمية.. وفقا للأجندات التنموية الإقليمية والدولية ذات الصلة.
إن اقتناعنا راسخ، بأن التنمية تضم إطارًا شاملًا، لمجموعة واسعة من الحقوق اللازمة للنهوض بالفرد.. وتوفير سبل الحياة الكريمة للمجتمعات.
ومن هذا المنطلق، طبقت مصر سياسات الإصلاح الاقتصادي التي مكنتنا من تنفيذ برامج اجتماعية طموحة، لصالح الفئات الأولى بالرعاية ونجحت في تحقيق أهداف التنمية المســـتدامة فـــــي مختلــــف محافظــات مصـــر.
كما قامت بتقليص التفاوت التنموي بين الريف والحضر وذلك انطلاقا من إيماننا، بأن وصول الدولة المصرية بالخدمات الأساسية إلى كافة ربوع البلاد.. من شأنه أن يعزز المشاركة السياسية والمجتمعية كونه يخلق مناخًا صحيًّا، يزدهر في إطاره الفكر الحر، وتنشط فيه حركة الإبداع فتدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.
تعي مصر جيدًا الخطر الذي يمثله التدهور البيئي على كافة مناحي الحياة.. وعلى مستقبل الأجيال القادمة، بل وعلى وجودها خاصة تغير المناخ، الذي باتت آثاره السلبية واضحة للعيان فلقد شهدنا على مدار الفترة الماضية.. العديد من الظواهر المناخية القاسية في كثير من دول العالم من فيضانات وأمطار غزيرة.. إلى الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة وحرائق الغابات صاحبتها تداعيات إنسانية واقتصادية واجتماعية.. باتت تمثل أعباء إضافية على كاهل الدول والحكومات، لتحقيق الرفاهة لشعوبها.
ومن منطلق مسؤولياتنا الأخلاقية المشتركة تجاه الأجيال القادمة.. مع أهداف رؤيتنا الوطنية والتزاماتنا الدولية تبذل مصر قصارى جهدها لتعزيز التنسيق إزاء قضايا المناخ تفاديًا للوصول إلى لحظة قد تصعب فيها العودة إلى الأوضاع المناخية الطبيعية بعدما يكون تغير المناخ قد بلغ مداه.. وبات ظاهرة عصية على المعالجة.
وعلى ضوء الدور المصري النشط في مفاوضات تغير المناخ فإننا نتطلع إلى استضافة الدورة السابعة والعشرين.. لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 2022.
يظل الإرهاب كذلك، من أكبر التحديات التي تواجه الأسرة الإنسانية في عصرنا الحالي، حيث تنتهك هذه الظاهرة الحقوق الأساسية للمواطنين وفي مقدمتها الحق في الحياة وتعيق جهود الحكومات.. نحو بلوغ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعوبها.
لذلك تشدد مصر، على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا من خلال مواجهة الفكر التكفيري والمتطرف، المتسبب في تلك الظاهرة البغيـضـــة وذلك فـــــي إطــــار مقـاربـــــة شـــــاملة لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية للإرهابيين وتنظيماتهم بل تشمل أيضا أبعادا اقتصادية واجتماعية وتنموية وفكرية تجفف منابع الإرهاب.. وتعالج الظروف والعوامل التي تدفع البعض إلى هذا الطريق الإجرامي وهي مقاربة كما تتطلب جهدًا وطنيًّا.. فإنها تستلزم تعاونًا دوليًّا.
ومن هنا، أود تأكيد أهمية احترام كافة الدول، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ونشدد في هذا الصدد، على أهمية محاسبة الدول التي ترعى الإرهاب وتحتضن عناصره بمن في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتوفر لهم الملاذ والدعم أو تسهل انتقالهم عبر أراضيها.. بما يهدد السلم والأمن الدوليين.
إن مصر تحرص على تعزيز حقوق الإنسان لمواطنيها وتبذل لتحقيق هذه الغاية جهودًا حثيثة فى إطار من احترام مبادئ المواطنة وسيادة القانون وتدرك الدولة المصرية تمامًا.. أن الإنسان المصري يأتي في القلب من منظومة التنمية الشاملة، التي تحرص على تنفيذها إعلاء لكرامته وضمانًا لحقوقه وحرياته.
ولقد عكست منظومة حقوق الإنسان مؤخرًا في مصر، تطورًا جليًّا اتصالًا بما يتضمنه الدستور المصري وتعديلاته.. من مواد تضمن الحقوق والحريات العامة وما لذلك من انعكاسات على تحديث التشريعات ذات الصلة ولعل "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقتها مصر منذ أيام بناء على تشاور مجتمعي وبمساهمة المجتمع المدني هي خير دليل على المقترب الشامل والبناء الذي تنتهجه بلادي إزاء موضوعات وقضايا حقوق الإنسان.
لقد جاء انتخاب مصر لرئاسة الدورة الحالية الخامسة عشرة، للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام ليكلل مسيرة متواصلة من الإسهام المصري الفاعل لتعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، منذ إنشائـه عام ٢٠٠٥ كما يجسد ثقة المجتمع الدولي، في قدرة مصر على قيادة الجهود الأممية في هذا الشأن على ضوء إحرازها المرتبة السابعة، بين الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية - رجالا ونساء - في عمليات حفظ السلام الأممية.
لقد أكدت مصر مرارًا.. أنه لا سبيل لاستقرار الشرق الأوسط، دون التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية التى كانت ومازالت القضية المركزية للأمة العربية وذلك عبر التفاوض استنادا إلى مقررات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967.. وعاصــــــمتها "القــــدس الشــــــرقية" من هذا المنطلق، تؤكد مصر أهمية تثبيت وقف إطلاق النار.. الذى تم التوصل إليه فى ۲۰ مايو ۲۰۲۱ كما تدعو مصر المجتمع الدولى.. لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطينى.. وإيصال المساعدات الإنسانية إليه وحث الأطراف المانحة على دعم وكالة "الأونروا" تمهيدا للقيام بعملية إعادة الإعمار فى قطاع "غزة" أخذا فى الاعتبار ما أعلنته مصر من تخصيص "500" مليون دولار لإعادة الإعمار.
إن منطقة الشرق الأوسط، كما تتسم بموقع استراتيجى فريد فإنها تحتل أيضا موقعا متقدما على قائمة مناطق العالم الأكثر اضطرابًا مما يضيف إلى التحديات العالمية المشتركة التي تواجهها دول المنطقة تحديات أخرى ذات خصوصية بدولها إذ بات مفهوم الدولة الوطنية القوية المتماسكة مهددا بعوامل اضطراب متعددة يكمن جوهرها فى الانقسام والتشرذم بأنواعه المختلفة سواء كان طائفيًّا أو سياسيًّا أو عرقيًّا، مما يجعل دولًا غنية بمواردها الطبيعية وتاريخها وحضارتـــــها العــــريقـة، كـ"العـــــــــــراق" الشــقيق أو بثقافتها وتنوعها الديني والعرقي، كـ"لبنان" و"سوريا" أو بمواردها وثرواتها وموقعها المتميز، کـ"ليبيا" أو بموقعها الإستراتيجي، كـ"اليمن" تعاني كل هذا الكم من التحديات الضخمة وهو ما يؤكد أنه لا غنى عن إعلاء مفهوم الدولة الوطنية الجامع الذى لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد ويحول دون التدخل فى الشئون العربية.
إن مصر ترتبط ارتباطا وثيقا بواقعها الإفريقى.. الذى تعتز به كثيرا والذى لا يرتبط فقط بموقعها الجغرافى.. ولكنه يتصل عضويًّا بوجودها ويهمني في هذا المقام.. إيضاح أن تحقيق التعاون بين دول القارة..لن يتأتى من خلال تحديد طرف واحد لمتطلبات طرف آخر وإنما يتعين أن تكون تلك العملية متبادلة فمصر التى تعترف بحقوق أشقائها التنموية تعد من أكثر الدول جفافا.. ويظـل شعبها تحت حد الفقر المائى.. ويشكل نهر النيل شريان وجودها الوحيد عبر التاريخ وهو ما يفسر القلق العارم، الذى يعترى المواطن المصرى إزاء سد النهضة الإثيوبى ولعلكم تعلمون جميعا، ما آلت إليه المفاوضات الدائرة منذ عقد من الزمن بين مصر وإثيوبيا والسودان جراء تعنت معلوم، ورفض غير مبرر، للتعاطى بإيجابية مع العملية التفاوضية فى مراحلها المتعاقبة واختيار للمنهج الأحادى وسياسة فرض الأمر الواقع ما بات ينذر بتهديد واسع.. لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.
وتداركا لعدم تطور الأمر إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين لجأت مصر لمجلس الأمن للاضطلاع بمسئولياته فى هذا الملف ودعم وتعزيز جهود الوساطة الإفريقية..عن طريق دور فاعل للمراقبين من الأمم المتحدة والدول الصديقة ولا تزال مصر تتمسك بالتوصل – في أسرع وقت ممكن - لاتفاق شامل متوازن وملزم قانونا حــول مـــلء وتشـــغيل ســـد النهضــــة الإثيوبى حفاظًا على وجود "150" مليون مواطن مصرى وسودانى وتلافيا لإلحاق أضرار جسيمة بمقدرات شعبى البلدين مستندين فى ذلك، ليس فقط إلى قيم الإنصاف والمنطق ولكن أيضا إلى أرضية قانونية دولية صلبة رسخت لمبدأ الاستخدام العادل والمنصف، للموارد المائية المشتركة فى أحواض الأنهار الدولية.
قبل أن أختتم حديثي إليكم، أود أن أشير بشكل خاص إلى ما يمثله العمل متعدد الأطراف من أهمية بالغة تتضاعف مع مرور الزمن نظرا لزيادة التحديات وتنامي المخاطر.. ونشوء مصاعب مستجدة على عالمنا فيظل العمل متعدد الأطراف وسيلة للنجاة من احتدام المواجهات.. وتصاعد الخلافات.
إن ما يشهده عالمنا اليوم من تحديات متتالية.. يحتم علينا أن تكون لنا وقفة مراجعة تهدف إلى تسخير الموارد اللازمة.. لمواجهتها كأولوية متقدمــة.. حفاظــــا علـــى الإنســانية بأســــرها هذا نداء توجهه مصر إلى أشقائها في الإنسانية: "دعونا نتكاتف لننقذ أنفسنا قبل فوات الأوان.. معتمدين فى تحقيق هدفنا على قوة المنطق.. لا على منطق القوة".