لماذا يضغط الناتو على أمريكا للاعتراف بحركة طالبان؟
مع انهيار السلطة المدنية الأفغانية، وتولي حركة طالبان الحكم مرة آخرى بعد 20 عاما من القتال، ترقبت العديد من دول العالم والأحلاف والقوى على شاكلة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ما ستسفر عنه الأحداث، لكن على عكس رغبة أمريكا في الضغط على طالبان وممارسة لعبة العصا والجزرة معها، يتساهل الناتو تماما مع الحركة بل ويضغط من أجل الاعتراف بها.
مستقبل أفغانستان
يعتمد الناتو على حسابات العقل في تحديد مستقبل أفغانستان، الذي حسمته الحركة الأصولية متفوقة على كل التيارات المدنية في أفغانستان، حيث يتخوف الناتو من تحول طالبان إلى تنظيم قاعدة جديد إذا ما تم الضغط عليها أكثر من ذلك، ما يعرض الأمن في هذا البلد للخطر الشديد لسنوات آخرى، لا أحد يعرف مداها خاصة بعد انسحاب أمريكا.
يضغط الناتو لاعتماد استراتيجية آخرى لمشاركة طالبان في معظم المجالات ما يعزز من أساليب الرقابة عليها، كما يضمن التشارك الاقتصادي انخراط المجتمع الدولي في أفغانستان، ويذكر الناتو الجميع بأن أحداث 11 سبتمبر 2001 نشأت في المقام الأول من أفغانستان مما يعني أن هذه المنطقة لا تزال تشكل تهديدًا إقليميًا ودوليًا.
تغيير المفاهيم
يحاول الناتو تغيير المفاهيم، فالحرب في أفغانستان أصبحت من الماضي، والمطلوب من العالم وخاصة الغرب مناقشة الأزمة بطريقة مستنيرة لإيجاد تفسير مختلف لمضمون المشكلة، وإلا سيكون لها تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الدولي والأجيال القادمة للولايات المتحدة وحلفائها.
يراهن الناتو على عنصر الوقت، ويؤكد أن الأفغان سيصبحون أكثر استقلالية وسيسيطرون على جميع المجالات، ولا سيما في مجال الأمن بعد ثلاثة عقود من الحرب، وبالتالي تعظيم المشاركة الدولية في أفغانستان قد يلهي طالبان بالاقتصاد والتفرغ لقطاعات الزراعة والتعليم والصحة وسيادة القانون، خاصة أن الحركة لديها نقص واضح في الكفاءات والكوادر وعدم دراية بكيفية إدارة دولة حديثة.
يطرح الناتو مخاوف عدة بشأن احتمالات الفشل في التعاون مع طالبان والتوصل إلى صيغة مقبولة للجميع بحيث يعترف العالم بشرعيتها مقابل الضغط عليها في ملفات بعينها، وإلا فالعودة للحرب مرة آخرى، وهي لحظة يعتبرها الناتو ناقوس خطر، قد تضع النهاية لأكبر تحالف عسكري في التاريخ، إذ سينعكس الفشل على علاقات دول الأطلسي والاستقرار الدولي ويهدد بقاء الناتو باعتباره ركيزة أساسية للأمن العالمي.