رئيس التحرير
عصام كامل

إنه الشعب


قالوا: إن التمرد استعراض بالكلمات، وزعموا أن استمارات سحب الثقة ستتحول إلى تحرك جماعى لتأييد الرئيس، وأن 30 يونيو ستكون فرصة لمن يريد التحرك فى الشوارع الخالية، فلما اقتربت ساعات الحسم بلبلوا وتبولوا على أنفسهم لا إراديا وتحولت سخريتهم إلى حشود واستعراضات للتكفير والتضليل والتهديد بالدم والسلاح والثورة الإسلامية.



قالوا: إننا حماة الثورة ولسنا سارقيها وأننا السلطة والشرعية وصوت الجماهير فى الصندوق وخارجه وأن الشعب يريدنا ويتمسك بنا وأن الرافضين للرئيس مجرد خليط من الفلول وأصحاب المصالح ورموز الفساد والإفساد، وأن من يراهن على الشعب سيكسب المعركة ولكن لصالح الشرعية والصندوق وأننا لن نستمر لأربع سنوات فقط مع محمد مرسى، ولكن لسبع سنوات نقصى وننتقم ونكفر الخصوم ونستعلى ونتعالى على كل من يقول: " لا " لأنه سيكون من الأقلية .

تسابقوا فى الكذب والتضليل والأحلام الفارغة التى كانوا يحلمونها فى اليقظة والمنام بإمامة محمد مرسى للنبى فى الصلاة ونزول جبريل على مؤيدى إشارة رابعة ليصلى معهم الفجر وينبئهم باستمراره فى الحكم، وأن مصر لن تسقط فى يد الكفار والمنافقين والشواذ من الثوار الشرفاء، وأن مرسى هو رسول آخر الزمان وأمير المؤمنين الذى سيعلى الإسلام وكأن من يعارض الرئيس ضد الدين ويعاديه ويريد نهاية له.

استبدلوا بالسواك الشومة وبالمسبحة الكرباج وببقايا التمر القنابل اليدوية وبحمامة السلام الكلاشينكوف وبالخرطوش والآلى والجرينوف، والصلاة بالتدريبات القتالية لسفك دماء المصريين، وبحكمة الدين جهاد الكفار وبالموعظة الحسنة الترويع والتخويف وبحسن المجادلة الاتهامات المعدة سلفا ووقفوا بجوارح لا تعرف الخشوع وقلوب لا تدرك الطمأنينة يتاجرون بالدين ويضعون الوطن والشباب قرابين كرسى السلطة وسلطة الحكم بعد الطواف حول الاتحادية والقبة.

أرادوا تجريد الجيش من قوته، وسلب الشرطة من حيادها، وتجريف القضاء من عدالته وعزل الإعلام عن عدالته وتفريق مؤسسات الدولة من تنوعها، وتخليص الدولة من مفاصلها، وإبعاد الناس عن الوحدة بالفرقة والانقسام والطائفية.

حاولوا وزيفوا وكذبوا وخانوا وهانوا على أنفسهم فلفظهم الشعب بإرادته وصفعهم بوعيه وبصق على وجوههم العكرة بأيدى شبابه وحرمهم من مشاركة أبنائه إلا فى تجمعات الأهل والعشيرة وفرض عليهم الإقامة الجبرية والعزلة الاختيارية والصلاة تحت الحراسة.
وعند اللحظة الفارقة وبين أوهام الجماعة وأتباعها وحشود الناس وإصرارهم تبدل العبث بالحقيقة وتلاشت الأوهام والأكاذيب وحدث انقلاب الشعب على عبيد السلطة، وكهنة التمكين وسحرة الأخونة وشيوخ الخداع وأئمة المراوغة ومرة أخرى يبهر المصريون العالم بعد أن أسقطوا عصابة من المجرمين وتجار الدين ونسفوا بإرادتهم تنظيم الإخوان فى مصر والعالم كله بعد أن كان يستعد للسيطرة على الوطن العربى والشرق الأوسط برعاية أمريكية وتعاون صهيوني.

إنه الشعب الذى لم يعرفوه والذى يعرف جيشه العظيم يده ويتحسسها ويصل إليها حتى فى أحلك لحظات الظلام ولن يعرفه الأفاكون بعد اليوم؛ فقد ولدت مصر من جديد.. فقد رحلوا !

الجريدة الرسمية