لماذا تركز الدولة على حرية العقيدة ضمن استراتيجية حقوق الإنسان؟
تقرأ الدولة الأحداث بطريقة أخرى، تنظر لآخر الطريق دائما، رؤيتها للمجتمع تخضع للكثير من المعايير، بدأت بإصلاح تشوهات المجتمع المصرية وإقامة بنية تحتية حديثة توفر احتياجات المواطنين وتلبي طموحات الدولة في غد مشرق، لكن لم تترك الجانب العقائدي والفكري لتيار يحاول بكل الطرق الاستيلاء عليها حتى وهو تحت الأنقاض.
تأميم الدين
تعرف مؤسسات الدولة أن التيار الديني يصر محاولاته لتأميم الدين لحسابه وعلى مقاساته الخاصة، وهو أمر كان يجب العمل عليه ضمن التطورات المتسارعة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حتى لا تبقى لهذا التيار نافذة يتسرب منها مرة أخرى.
ولهذا أطلق الرئيس السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واشتملت على أربعة محاور عمل رئيسية تشمل: الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات في حقوق الإنسان.
تعزيز حقوق الإنسان على مدار 5 سنوات
وتعد الاستراتيجية خطوة كبيرة جدا للأمام فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان حيث تشمل بمرحلتها الأولى خطة الدولة لتعزيز حقوق الإنسان على مدار 5 سنوات 2021 - 2026 في مختلف المحاور مثل: الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية وحقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز قدرات العاملين في مجال حقوق الإنسان وتدريبهم.
وتتمنى تغييرات في سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع عدد من الملفات على رأسها ملفات حقوق الإنسان والحقوق السياسية والاجتماعية.
حرية الفكر والاعتقاد
ويقول السيد شبل الكاتب والباحث في معهد الدراسات المستقبلية ببيروت: إن السعي من أجل ضمان حرية المواطن الفكرية والاعتقادية أمر شديد الأهمية، وغيابه يعني أن هذا المجتمع متخلف حضاريًا ويعيش نمطًا عفا عليه الزمان، مضيفا: لا يمكن النهوض بالمواطنين حضاريًا وفكريًا دون النهوض بأحوالهم المادية بشكل شامل.
وتابع شبل: أفكار الإنسان وتصوراته عن العالم هي انعكاس بدرجة أو أخرى للمناخ الذي يعيش فيه، موضحًا كمثال: لا يمكن القضاء على العشوائية ومظاهر الفقر والميل إلى مخالفة القانون، بمجرد نقل المواطنين من مكان عشوائي ومتخلف إلى آخر حديث ومنظم، بل يجب تغيير طبيعة حياة المواطنين أنفسهم، والأمر يبدأ بتغيير نمط عملهم العشوائي والرث والمتقلب إلى نمط عمل منظم ومنتج وكافي الأجر، وهذا ما يتطلب برنامج اقتصادي متكامل من أجل توفير هذا الحجم من الوظائف.
مجهودات الدولة
وعن مجهودات الدولة مؤخرًأ في ملف حقوق الإنسان والمواطنة، أوضح الباحث أن طرح بعض الأفكار الجريئة خلال المناقشات كان أمر شديد الأهمية، وأثار جدلًا مطلوبًا، وسيؤتي ثماره الإيجابية بالتدريج، فالعقل العربي عمومًا يحتاج إلى بعض الصدمات، كما أن المواطن صار منفتحًا على العالم ولا شك أنه سيتأثر بالحداثة التي تسود العالم شرقًا وغربًا.
وأبدى الباحث أمله في إقرار المزيد من القوانين التي تضمن كافة أشكال الحرية، "فأنت حر ما لم تضر"، معربًا عن تطلعه لأن تتمكن الدولة المصرية ومعها المجتمع التنويري في حصار العقلية السلفية أكثر وأكثر.