بالكاميرا: استروا.. يستركم الله
تعمقت النزعة الفضائحية، وتوغلت، وتفرعت منتشرة في جسد المجتمع المصرى، على نحو ينكره ما تبقى في البلد من أسوياء. بالطبع كانت الفضائح والآثام ترتكب في المجتمع، قبل أحداث الخامس والعشرين من يناير، منذ عشر سنوات، بل ترتكب في أي مجتمع منذ بدء الخليقة.. لا ننكر.. لكن، حدث استخدام ممنهج منظم لرذيلة الإفشاء والفضح، منذ لجأت الجماعات التبشيرية بالفوضى إلى أسلوب التدمير المعنوي، وإهانة الرموز، من بث فيديوهات فاضحة، لكل الأطراف.. إلى البصق على الوجوه، وصفع علي الأقفية، وركل المؤخرات، وضرب صور الكبار بالأحذية، ناهيك عن لطم رتب.. من البلطجية.. ذاك وقع في مناخ عدواني تخريبي متعمد.
انتهى المناخ الفوضوى وبقيت ممارسات منه. وفي الآونة الأخيرة، انتشرت فيديوهات العناتيل، في التدريب الرياضي، وفي الإخراج السينمائي، صورها لنفسه ففضح البنتين الله يفضحه، وفي تلقين الدروس الدينية، ذلك السلفي المجرم المحال للمحاكمة.. وآخر التسريبات ما يخص نائب ونائبة.. بمجلس النواب من حزبين يحملان إسم الوطن، متسلقان، يتصاعدان عليه!
ردع اجتماعى.. ولكن
بث الجرائم يحقق الردع الاجتماعي، ويحفز على المساءلة الجنائية، ويجعل الوقاية منهجا وأسلوبا أمام نزعة المعاصي، لكن أن يصير المجتمع كله في حالة تربص بالكاميرا لبعضه البعض، وأن تسوى الحسابات بمقطع مقابل مقطع، وأت تصير السيديهات وخزائن الموبايلات متاحة مباحة لمن يخترق ويسترق.. فهذا ليس مجتمعا تتحقق فيه الطمأنينة. الأمن الجنائي يتحقق بالشرطة. الأمن الاجتماعي يهدره الشعب علي الشعب.
لا تعايرني ولا أعايرك، كلنا ذنوب وأخطاء وخطايا، ولنا حماقاتنا.. دفناها في صدورنا، وفي كهوف الذاكرة، وعملنا جهدنا على محوها.. وحمدنا الله أن سترنا.. وحجب عنا عيون المتربصين والمتطفلين.. الآن يمارس قراصنة الأعراض هوايتهم في الفضح وابتزاز المخطئين والخاطئين.. إن الله قد أمرنا بالستر.. هو سترنا.. فما أعجب الإ من رجل ستره الله فيأبي الإ أن يصور فضيحته.. مؤتمنا جهاز تليفون قابل للسرقة في أية لحظة.. يجعل شرفه وشرف من معه عرضة للخوض والهتك والتعريض.
أدعو بكل قوة إلى تأثيم وتجريم كل شخص يبث أفلاما أو مقاطع أو مسامع تخص الغير، بهدف السيطرة والإهانة والتجريس. والابتزاز المادي أو الجنسي.. ونقولها بكل الصدق والأمانة أن التسريب يقع أحيانا من جهات في الضبط.. وغيرها.
لا تفضحوا الناس الله لا يفضحكم. الله ستار. عفو. كريم. حليم. لماذا نفضح خلقه؟. هل بالقانون المصرى قصور يجعل التهرب من العقوبة واردا؟ المطلوب عاجلا وضع حد لهذه الموجة السافلة المنحطة لتجريس الناس والكشف عن عوراتهم. لا أقول أن المخطئ لا يعاقب.. لكن أقول لا للتشهير ولا لهدم العائلات.. وتدمير سمعة الناس.
كلنا نخطئ.. فلنتبادل الستر.. يبادلنا الله الرحمة.. والعفو.