هل قراءة القرآن أفضل أم الصلاة على رسول الله ﷺ؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: هل قراءة القرآن أفضل، أم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: لا شك أن أعظم الذكر هو تلاوة القرآن الكريم، لكن صرح العلماء أن الاشتغال بالمأثور من الأذكار في محلِّه أفضل من قراءة القرآن؛ ففي "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (1/ 264): [وَفِي "الْقُنْيَةِ": الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ، وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ، أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ] اهـ.
وفي "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (1/ 603): [(وَهُوَ) أَيِ: الْقُرْآنُ (أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الذِّكْرِ)؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُه أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ. وَفَضْلُ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. لَكِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْمَأْثُورِ مِنْ الذِّكْرِ فِي مَحَلِّهِ، كَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ. (وَ) الْقُرْآنُ (أَفْضَلُ مِنْ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ) وَزَبُورٍ
الصلاة على النبي
وَسَائِرِ الصُّحُفِ، (وَبَعْضُهُ) أَيِ: الْقُرْآنِ (أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ) إمَّا بِاعْتِبَارِ الثَّوَابِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، وَالْفَاتِحَةِ، وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ صَرْفَ الزَّمَانِ فِي (مَا وَرَدَ) أَنْ يُتْلَى (فِيهِ) مِنْ الْأَوْقَاتِ (ذِكْرٌ خَاصٌّ)، كَإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُقِيمِ، وَمَا يُقَالُ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ، وَفِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (أَفْضَلُ مِنْ) صَرْفِهِ فِي (قِرَاءَةِ) الْقُرْآنِ تَأَدُّبًا أَنْ يُفَضَّلَ شَيْءٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ، بَلْ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِهِمْ] اهـ.
أفضل صيغة للصلاة على النبي
كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه:"ما هي الصيغة الفضلى للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غير الصلاة بأي صيغة من الصيغ التي فيها مدح وتشريف وتكريم، وقد ورد في "صحيح البخاري" عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
وقد ذكر العلماء عدة صيغ أخرى، ولكن من المقرر شرعًا أن "الوارد أفضل من غير الوارد"، فالصلاة بهذه الصيغة أفضل وأكمل، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يختار لنفسه إلا الأفضل والأشرف.
جاء في "شرح زاد المستقنع" للشنقيطي: [الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفضل ما تكون إذا كانت بالصيغة الإبراهيمية التي دل عليه الصلاة والسلام أمته وأصحابه عليها، فإذا صلى الصلاة الإبراهيمية فذلك أفضل وأكمل ما يكون؛ لأن القاعدة في الشرع: "الوارد أفضل من غير الوارد"، فالصلاة بهذه الصيغة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل وأكمل] اهـ.
الصيغة الإبراهيمية
وجاء في "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص: 65): [(بيان أفضل الكيفيات في الصلاة عليه) فائدة: استدل بتعليمه صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه كيفية الصلاة عليه بعد سؤالهم عنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف والأفضل، ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك] اهـ.
وجاء في "حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (2/ 343): [وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَغِ الصِّيغَةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّة] اهـ.
وعليه: فإن الصيغة الإبراهيمية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي أفضل الصيغ للصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.