«الصحف الأجنبية» تراقب الديمقراطية المصرية.. «واشنطن بوست»: المرحلة الانتقالية بلا جدول زمنى.. «جارديان»: غموض حول «المعونة الأمريكية».. فاينانشال تايمز: ضربة م
احتل الشأن المصري افتتاحيات الصحف الأجنبية الصادرة صباح اليوم الخميس، حيث تناولت هذه الصحف عزل الرئيس محمد مرسي وبيان القوات المسلحة الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي مساء أمس.
ففى البداية، أعربت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مخاوفها على مستقبل الديمقراطية في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وتحديدًا أن الجيش لم يعط جدولا زمنيا لإجراء الانتخابات التي وعد بها بعد تعليقه العمل بالدستور الحالي "مؤقتًا".
وقالت الصحيفة: "بعد عام فقط في منصبه أطاح العسكر بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، ليثبتوا أنهم لم يتركوا السلطة حقا، وجاء سقوط الرئيس مرسي دراميًا من السلطة بعد أشهر من الاضطراب السياسي، وأيام من الاحتجاجات المتواصلة حيث خرج الملايين من المصريين للشوارع للمطالبة برحيله.
وذكرت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية، أن الجيش الذي حمل المسئولية بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، يواجه الآن مهمة شاقة، فالوضع في مصر بعد مرسي كارثي.
وأضافت: أن الجيش عندما "أخذ السلطة" تحمل معها مسئولية أمن المصريين والمسئولية عن غضب عشرات الملايين الذين يناصرون الرئيس محمد مرسي، مشيرة إلى أن حصيلة مرسي بعد عام من تولي الرئاسة كانت "كارثية"، حيث تفاقم الوضع الاقتصادي، وأثار غضب شرائح واسعة من المجتمع.
بينما ذكرت صحيفة "جارديان" البريطانية، أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، حث الجيش المصري على ضرورة إيجاد حكومة مدنية ديمقراطية دون إبطاء، وتجنب أي اعتقالات تعسفية ضد الرئيس محمد مرسي وأنصاره.
وأوضحت الصحيفة أنه بموجب قانون الولايات المتحدة، يتعين على الحكومة وقف المساعدات الخارجية لأية دولة تطيح برئيسها المنتخب، والولايات المتحدة تقدم سنويا مساعدات عسكرية واقتصادية لمصر 1.5 مليار سنويًا.
وذكرت أن وزير الخارجية البريطاني، "وليام هيج" قال: إن بريطانيا لن تدعم التدخل العسكري ودعا إلى الهدوء، موضحا أن الوضع خطير بشكل واضح، وأن لندن لا تؤيد التدخل العسكري كوسيلة لحل النزاعات في ظل نظام ديمقراطي.
وتابع "هيج": أن الشعب المصري فاز بفرصة لمستقبل ديمقراطي، منذ سنتين ونصف السنة، وكان الأمر في غاية الصعوبة على مصر وشعبها، ولكن دعونا ننظر إلى الأمام ونحن ندعو جميع الأطراف إلى إظهار القيادة والرؤية اللازمة لاستعادة وتجديد التحول الديمقراطي.
ورأى "هيج" أن الديمقراطية في مصر، يجب أن تنطوي على عملية سياسية تشمل كل الجماعات على قدم المساواة، ما يؤدي إلى انتخابات مبكرة ونزيهة فيها جميع الأطراف قادرون على المنافسة، والحكومة التي تقودها يجب أن تكون مدنية.
أما صحيفة "زود دويتش تسايتونج" الألمانية، فقالت: إن المصريين تعلموا من خطأهم الذي ارتكبوه منذ عامين، وأن إطاحة الجيش بالمعزول "محمد مرسي"، هو بداية من الصفر، مشيرة إلى أن المصريين يمتلكون ذاكرة قصيرة جدًا على مدى الدهر، حيث أنهم انتخبوا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في أول برلمان منتخب بحرية بعد الثورة، واحتفلوا بتنصيب "مرسي" كأول رئيس منتخب.
وأضافت الصحيفة الألمانية في عددها الصادر اليوم الخميس: أن إطاحة الجيش بالمعزول "مرسي"، ونزول الدبابات في شوارع القاهرة، والأماكن المهمة، وفرض حظر السفر على "مرسي" وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، هو مشهد متكرر لما تابع ثورة 25 يناير 2011، مؤكدة أن المواجهة بين الحكومة وجماعة الإخوان هى مواجهة كلاسيكية ومتكررة، وكان من المتوقع أن تحدث على المشهد السياسي مرة أخرى.
وتابعت "زود دويتش تسايتونج": "إنه على الرغم من أن المعزول مرسي، هو من عيّن وزير الدفاع "عبد الفتاح السيسي"، في منصبه، إلا أن الجيش لا يثق في جماعة الإخوان المسلمين منذ اغتيال الرئيس أنور السادات، وكانت لديه تخوفات من قِبل الجماعات الدينية، وأن الجيش يعتبر واحدا من أكثر المؤسسات العلمانية في البلاد.
وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية: إن الإطاحة بمرسي من الحكم في مصر يعد ضربة مؤلمة لقطر التي راهنت على جماعة الإخوان المسلمين وقدمت لهم الكثير من الدعم لتقوية الجماعة في الحكم وأن يكون حليفها الاستراتيجي في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مراقبين دوليين كانوا يتخوفون على أمير قطر تميم بن حمد آل ثان"33عامًا"، من السياسة الخارجية وتقلب المنطقة ولم يكن من المتوقع أن تسقط الحكومة التي يقودها الإخوان المسلمين في القاهرة والتي كانت تدعمها الحكومة القطرية.
وأضافت الصحيفة: أن قطر كانت مركز دعم الإسلاميين في دول الربيع العربي، ومنحت مصر 8 مليارات دولار مساعدات بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، ومن المؤكد أن ذلك يؤثر على سياستها بعد رحيل الرئيس مرسي.
ونقلت الصحيفة عن خبير اقتصادي قوله: إن قطر أخطأت في تعاملها مع ليبيا وسوريا والآن تخسر المليارات التي صرفتها على حكومة مرسي.
وأوضحت الصحيفة أن "تميم" ألمح إلى أن سياسته الخارجية معتدلة ومختلفة عن أبيه ولكن من الصعب أن تبتعد قطر عن وضعها الحالي بعد أن رسخت مكانتها بشكل كبير والدور المحوري الذي تلعبه بالمنطقة.
وأضافت: أن دول الخليج مثل الإمارات والسعودية لم تكن مرتاحة لصعود الإخوان المسلمين للحكم في مصر ولكن هى الآن مستعدة لمنح مزيد من الأموال لمصر لمساعدة السلطة البديلة التي تحل بدلا من سلطة الإخوان.
وقال الدكتور نوا فيلدمان أستاذ القانون الدولي والدستوري بجامعة هارفارد والخبير في الشئون الإسلامية: "إنني لا أعتقد أن استبدال زعيم إسلامي لا يحظى بشعبية بحاكم علماني هو انتصار للديمقراطية".
وأكد أن الأمر ليس كذلك، ففي ظل النظم الديمقراطية الفاعلة هناك عملية دستورية منظمة للاحتجاج والإطاحة بحاكم، فعندما يتم انتخاب شخص لمدة يجب أن يستمر في مهامه خلالها إلا إذا استقال أو جرت مساءلته.
وأضاف "فيلدمان" في مقالة كتبها صباح اليوم الخميس، بوكالة "بلومبرج": "لا تتوقعوا انتخابات قريبًا، لأنه من المتوقع بنسبة كبيرة أن يفوز بها الإسلاميون، لو افترضنا أن هناك انتخابات، ولا تندهشوا إذا منع الإسلاميون من الاستمرار مثل إيران، فمصر ستكون استبدادية مع الانتخابات.
وأكد أن واضعي الدستور الأمريكي يخشون أن الديمقراطية يمكن أن تؤول إلى الغوغائية والفوضى، مشيرا إلى أن الأحداث في مصر هى تذكير لمناداة الناشطين المؤيدين للديمقراطية أنفسهم للإطاحة بالرئيس "حسني مبارك" في فبراير 2011، والإطاحة بخلفه الرئيس المنتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، لافتا إلى أنه في كلتا الحالتين عرض المحتجون الحكومة للخطر، وكان الجيش هو من أطلق رصاصة الرحمة في شكل انقلاب.
وتابع أستاذ القانون الدولي والدستوري: أنه حتى الاعتراف بأن "مرسي" وجماعة الإخوان المسلمين فشلوا في معالجة مشكلات البلاد، والقضاء على الفقر واستمالة المعارضين، إلا أن الانقلاب العسكري يعد انتكاسة مأساوية من أجل الديمقراطية والدستورية وسيادة القانون.
وقال "فيلدمان": ينبغي لنا أن نتوقع من الإخوان القتال مرة أخرى أو إشعال حرب أهلية، لأن المجموعة لديها تاريخ طويل من المواجهات العنيفة مع الجيش، منوها إلى أن المستقبل الغامض ينتظر مصر، وأن الخاسر هنا ليس الديمقراطية في مصر، بل الديمقراطية نفسها. وتوقع أن تسير الأمم الأخرى على نفس النهج المصري، وتختار أن تنتفض ضد قادة غير شرعيين، والتخلي عن الانتخابات تماما، أو اختيار وصاية الجيش.