معضلة لبنان "ثلث معطل" وإيران
تراوح المعضلة اللبنانية مكانها، وضاقت الحياة على الشعب، بينما تفرغت منظومة الحكم للمناكفات وتصويب كل فريق على الآخر، لتحقيق مصالحه الخاصة وإرضاء طائفته أو زعيمه.. انقلب غالبية مناصري العهد والرئيس ميشال عون، ضده وأبرزهم الفنان زين العمر، الذي ندم على تأييده قائلا "أعتَذِر لِكُل من مَات حَالِمًا بوطَن أجمَل وواقع أقل عُهرًا.. هذه المنظومة مستعدّة أن تمشي على 5 ملايين جثة يعني كل الشعب اللبناني من أجل بقائها في الحكم".
بينما قالت الفنانة إليسا وهي أساسًا من معارضي العهد: "لديّ صديق اسمه كمال، كان يحبّ ميشال عون كثيرًا، ويقول لي: إذا لم يأتِ عون رئيسًا للجمهورية سأرحل من البلد.. أصبح عون رئيسًا وهاجر كمال وعائلته!.. حزينة جدًّا على بلدي، حزينة على مرضى لا يجدون العلاج، حزينة على من لا يستطيع تدبير الأكل والكهرباء في منزله ولا يملك المال لشراء البنزين.. رح نموت وبعدنا عم نشوف نفس الوجوه.. يلعن الساعة اللي رجع فيها ميشال عون علبنان".
أراد الرئيس ميشال عون، التخفيف من وطأة الهجوم ضده، فاستغل صدور تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، الذي حذر من أن "الفقر نال من نحو 74% من اللبنانيين خلال 2021، بعد أن سجل 55% العام السابق، و28% في 2019". قام عون بالتصويب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، دون أن يسميه واعتبر أن "سياسته المالية فيها إذلال للشعب"، وقال "إفشال كل خطة للتعافي المالي والاقتصادي في لبنان يعني أن المنظومة الفاسدة تخشى المساءلة والمحاسبة، الشعب اللبناني ضحية وعليه معرفة من يذلّه يوميًا للحصول على أبسط حقوقه ومنعه من التصرف بأمواله ومدخراته. شعبي مسروق ولا يمكن لأحد أن يحمّله نتائج سياسات لبنان الخاطئة والفاسدة".
كسر الحصار
استغل "حزب الله"، حليف عون وصول أول باخرة إيرانية محملة بالمازوت إلى مرفأ بانياس السوري، على أن تنقل برًا إلى لبنان ليتولى الحزب توزيعها، وأراد التباهي بكسر الحصار على 3 دول وهي إيران ودولتان تسيطر عليهما هما لبنان وسوريا، كما أراد في الوقت نفسه التشويش على الاتفاق الايصال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.. وقال هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله": "كسرنا بضربة واحدة حصار ثلاث دول، اشترينا المازوت من إيران، وعبرنا به من سورية واستفاد منه لبنان المحاصر، وحضورنا سيكون أكبر وأقوى".
تمثل الحضور القوي لـ "حزب الله" في تفجير أنابيب نفط العراق العابرة لسهل عكار اللبناني عبر سورية، وألمح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، إلى مسؤولية "حزب الله" عن التفجير متسائلا: "ما ان انتهت زيارة الوفد الرسمي اللبناني إلى سورية حتى انفجر مجددًا أنبوب النفط في الشمال. هل تريد عصابات النفط المتحكمة بالمواطن تخريب استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية؟ أم أن النفط الإيراني له صلة؟!".
أزمة الثلث المعطل
زيارة وفد وزاري لبناني رسمي إلى سورية للاتفاق على إيصال الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سورية، شكل حدثا بارزا لأنه يعيد تطبيع العلاقات بعد قطيعة 10 سنوات، لكنه أثار استياءً لغياب العلم اللبناني عن اللقاء والاكتفاء بالعلم السوري، واعتبره لبنانيون إهانة، ودليلًا على نظرة النظام السوري إلى لبنان كملحق وتابع له.
وبينما يستمر الجمود في تشكيل حكومة لبنانية تضع حدًا للانهيار المالي والمعيشي، يواجه رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، المشكلة ذاتها التي اعتذر بسببها سلفه سعد الحريري، لأن ميشال عون يريد إدارة شؤون البلد وحيدًا، بمشاركة "حزب الله" تحت إمرة إيران، إلا إذا استسلم رئيس الوزراء المكلف لشروطه بتشكيل حكومة بغطاء سياسي منه، ولم يقبل ميقاتي منح عون "الثلث المعطل"، والوزارات المعنية بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهذا ما يلقى معارضة لا تقتصر على نجيب ميقاتي، وإنما تتجاوزه إلى المؤسسات الدولية، إضافة إلى أن رئيس البرلمان نبيه بري يرفض توفير الغطاء السياسي لحكومة تعطي الثلث المعطل لعون..
من هنا يفكر نجيب ميقاتي في إحراج ميشال عون ومحاصرته بطرح حكومة مصغرة من 14 وزيرًا يمثلون الأقطاب السياسية في لبنان، وإذا رفضها عون يعتذر نجيب ميقاتي وتعود الأمور إلى نقطة الصفر، وهذا ما يخشاه البعض، لأنه ينسف الاستحقاقين النيابي والرئاسي ويضمن بقاء الرئيس ميشال عون وفريقه في القصر الجمهوري ويذهب لبنان إلى إنهيار تام، ما دعا رئيس حركة التغيير إيلي محفوض، لتجديد دعوته ميشال عون إلى الاستقالة قائلا "تحكمون منذ سنوات، وكان فشلكم صارخا، أنهيتم كل مقومات الدولة ومؤسساتها وتركتم مليشيا حزب الله، تزحف بمخطط إيراني جهنمي لإحداث الانقلاب الكبير".