رئيس التحرير
عصام كامل

علوم بترول وتعدين بمطروح وإهدار المال العام

في عام 2017 قررت الدولة المصرية ممثلة في وزارة التعليم العالي إفتتاح كلية علوم البترول والتعدين ضمن كليات فرع جامعة الاسكندرية بمطروح، والهدف من إنشائها –كما جاء في برنامج الكلية وتسويق الحكومة والجامعة لها عند افتتاحها- إحداث نقلة نوعية في مجال البترول في مصر خاصة بالصحراء الغربية، واستغلال ما تزخر به من ثروة بترولية وتعدينية هائلة، حيث يوجد بمطروح نحو 600 مليون طن من الثروات المعدنية: مثل الدُولميت والحجر الجيري والطفلة ورمال السيلكا والجبس والرخام، كما تُقدر الثروة البترولية بـ4.8 مليون برميل بترول، مع وجود ميناء الحُمرة بالعلمين لتصدير المواد البترولية، وكذلك يوجد 13.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

 

تخرج الكلية مهندسين متخصصين في جميع أقسام البترول وعلومه المختلفة، للاستفادة منهم في العمل بشركات البترول العاملة على أرض محافظة مطروح بصحراء مصر الغربية، والبالغ عددهم قرابة 30 شركة ما بين شركة إنتاج بترول، وغاز طبيعى، وشركات الخدمات البترولية، التى تورد عمالة ومعدات ومواد غذائية، ولها دور رئيسي في قطاع البترول، حيث يوجد في الصحراء الغربية معظم الاحتياطي الإستراتيجي من بترول وغاز مصر الطبيعي، الذي تعمل الدولة على الاستفادة منه على مراحل بخطط مدروسة.

إذا تكبدت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التعليم العالي إنشاء كلية جديدة هي علوم بترول وتعدين، كانت تابعة لجامعة الإسكندرية حتى أصبح لمطروح جامعة خاصة بها، فصارت تلك الكلية تابعة لجامعة مطروح، وأنفقت الحكومة المصرية على هذه الكلية الجديدة ملايين الجنيهات وهي بصدد افتتاح مبنى مميز للكلية يبعدها عن مبنى كلية التربية التي كانت ملحقة بها، وهذا المبنى المميز يتكلف الملايين من الجنيهات، كما أن الحكومة تتحمل تكاليف الدراسة والتدريب في هذه الكلية الجديدة للهدف الأعظم التي انشأتها له وهو تخريج مجموعة متخصصة من المهندسين الذين يفقهون في جيولوجيا البترول مع علوم البترول؛ مما يجعل هناك خريج مختلف عن الجيولوجي الذي تخرجه جميع كليات العلوم بمصر..

وهذا التفرد هو ما سعت إليه الحكومة وأنفقت له ملايين الجنيهات، فهي تريد أن يكون هناك خريج يحمل لقب مهندس وهو جيولوجي يجمع بين مهندس بترول السويس وجيولوجي كليات العلوم؛ لذا أنشأت هذه الكلية المميزة للاستفادة من ذلك الخريج في إحداث نقلة نوعية في مجال البترول في مصر خاصة بالصحراء الغربية، واستغلال ما تزخر به من ثروة بترولية وتعدينية هائلة.

الحكومة تهدر المال العام

 

وفي هذا العام ومنذ فترة وجيزة تخرج في هذه الكلية أو علوم بترول وتعدين بمطروح أول دفعة، وكان من المنتظر أن تستعين بهم الحكومة في شركاتها البترولية لإدخال نقلة نوعية في ذلك المجال بمطروح؛ حتى تستفيد من الملايين التي أنفقتها على هؤلاء الطلبة، أو حتى ترشح هؤلاء الطلبة للشركات العاملة في مجال البترول بمطروح، لكن ما حدث يفوق الخيال، فقد خرجت الكلية هذه الدفعة وتركتهم يعملون كما يتوفر لهم العمل ولو في قطاع غير البترول، مثلهم كمثل أي خريج آخر دون النظر إلى الهدف من إنشاء الكلية، وهو استغلال ثروات مطروح الهائلة، وبذلك فالحكومة تهدر المال العام عامدة متعمدة..

 فلماذا إذا أنشأت الكلية وفي مطروح لو انها لن تستفيد بهؤلاء ؟ ولماذا لم تكتف الدولة بخريجي كليات العلوم قسم الجيولوجيا بجامعات مصر طالما أنها لن تستفيد من الكلية التي أنشأتها لتخرج مهندس بترول بمواصفات خاصة ؟ وهل هكذا تشجع الدولة الكليات الجديدة التي تحتاج خريجها بشدة في النهوض بمصر ؟ هذه الأسئلة كلها نطرحها على وزير التعليم العالي ورئيس الوزراء لنجد إجابة عنها.

والغريب أن محافظ مطروح ومنذ إنشاء الكلية قد أولى اهتماما شديدا بها، وراح يتحدث عن أهمية خريجها لمحافظة مطروح وضرورة الاستعانة به في اكتشاف الثروات الهائلة بمطروح، ولكن يبدو أن ذلك الحديث لم يكن له مردود فعلي على أرض الواقع، حيث يبحث خريجي الكلية عن اي مهنة فمنهم من قرر العمل في مكتب استشارات هندسية، ومنهم من قرر العمل في مجال لا يمت لدراسته بصلة، ومنهم من يبحث عن أي فرصة عمل بما يؤكد إهدار المال العام المنفق على هذه الكلية التي لا تزال وإلى الآن تغازل طلبة الثانوية العامة بأهميتها وقيمة خريجيها واستهدافهم للعمل في ثروات مطروح حتى يلتحق بها هؤلاء الطلبة الجدد المخدوعين فيقعون في شرك نصبته الحكومة ممثلة في وزارة التعليم العالي لهم. 

الجريدة الرسمية