الشيخ متولي الشعراوي يشرح ميزان الحسنة والسيئة عند الله
قال رب العزة في الحديث القدسي: ( إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها فإن عملها فاكتبوها بمثلها، فإن لم يعمل بها فاكتبوها له حسنة ) فكيف تحسب الحسنة والسيئة عند الله تعالى ؟يجيب فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي فيقول:
هذا هو مطلق الرحمة والفضل، فالحق سبحانه وتعالى يجزى الحسنة والسيئة فالحسنة بعشر أمثالها ويضاعف ذلك الى سبعمائة ضعف، لأن كل فعل تلازمه طاقة من الإخلاص في نفاذه، فكأن الحق سبحانه وتعالى قد وضع نظاما بأن الحسنة بعشر أمثالها ثم بالنية المخلصة تبلغ الاضعاف الى ماشاء الله.
الحسنة بعشر أمثالها
والله عز وجل يقول في سورة الأنعام: ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) ويقول في سورة البقرة ( والله يضاعف إلى ما يشاء ).
وقد وضع الحق هذا النظام لأنه جل وعلا يريد للحسنة ان تفعل وينتفع بها الغير، فإن كان فاعلها حريصا على الأجر الزائد فهو يقدمها بنية مخلصة، فنية معطى الحسنة هي التي تمكنها ان تضاعفها الى 700 أو يزيد.
سبعمائة ضعف
والحق يعطى مثلا لذلك في قوله تعالى في سورة البقرة: ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة..)، فإذا كانت الأرض وهى مخلوقة لله تعطيها انت حبة فتعطيك سبعمائة فماذا يعطى لك خالق الأرض ؟
ان عطاءه غير محدود ولا ينفذ، والحق بلغنا ان ننظر جيدا الى بعض خلقه وهى الأرض التي تضع فيها البذرة الواحدة اى الحبة الواحدة فإنها تعطى 7 سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
إرادة الخالق
فلو نظر الإنسان أول الأمر إلى ما يضعه في الأرض حين يحرث ويزرع لما زرع ولما حصد، لكنه عندما نظر لما تعطيه الأرض من 700 ضعف أقبل على البذر وأقبل على الحرث غير هياب لأنه ستعوضه أضعاف أضعاف ما أعطى.. إذن فهو سبحانه قادر أن يضاعف لمن يشاء بغير حساب، فإرادة الخالق تعطي كما تريد.
إذن لابد أن يطمئن المؤمن إلى أن حركة حياته لها ثواب وأجر عند الله فإذا صلى فله أجر واذا صام له أجر وإذا تصدق وإذا حج وهكذا، فكل مايفعله من منهج الله له أجر ليس بقدر العمل بل أضعاف العمل..
ولذلك فالأجر ليس مضاعفا فقط في عدد المرات ولكنه مضاعف في القدرة أيضا فكأن كل انسان غير مؤمن لا أجر له في الآخرة وإذا أعطى في الدنيا يعطى عطاء المثل، لكن المؤمن وحده له عطاء الآخرة أضعافا مضاعفة وهو عطاء ليس زائلا كعطاء الدنيا لكنه باقي وخالد فيقول الله تعالى (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله، أن الله بما تعملون بصير ).
مشيئة الله
فالخير الذي تفعله لن تدخره عندك او عند من ينكره، لكن الله سيدخره لك فانظر الى الاطمئنان والعمل في يد الله الامينة وفى مشيئته وفي قدرته التي تضاعف أضعافا مضاعفة.
يقول الله تعالى في سورة يونس (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.) والمقصود بالقول للذين احسنوا الحسنى أي بالغوا في أداء الحسنات، والحسنة كما نعلم بعشر أمثالها فما هي الزيادة ؟
يقول هي عطاء زائد في الحسنات يبدأ بعشر أمثال الحسنة ويصل الى 700 ضعف، أما السيئة فبواحدة والله يزيد من فضله ما يشاء.