لماذا يرفض قيس سعيد التراجع وإعادة الإخوان ؟
يوم بعد الآخر يؤكد الرئيس التونسي قيس سعيد على عدم العودة للخلف، والمضي قدما في تدمير المنظومة القائمة، وفي القلب منها؛ إخوان تونس، حركة النهضة، التي تقف عاجزة حتى الآن عن استيعاب ما يحدث، ومن التهديد بالحشد والوقوف ضد قرارات قيس سعيد، دارت الدائرة عليها، واشتعلت الخلافات الأيدلوجية بين صفوفها، ما ينذر بمصير مشابه لما يحدث من صراعات مدمرة داخل إخوان مصر.
حدود الإخوان
وضعت قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، وإعلان الطوارئ حدًّا لتجربة الإسلام السياسي في تونس، وفرضت إجراء مراجعات جديدة على حركة النهضة، التي لن يكون أمامها إلا التحول إلى حركة مدنية وفصل السياسة عن الدين تمامًا والتخلي عن فكرة استخدام الدين لأغراض سياسية.
لا تزال النهضة في حالة إنكار لفشلها، وغير قادرة على استيعاب إرادة التونسيين الذين أوصلوها إلى السلطة، وهي بذلك ليست استثناءً من تيارات الإسلام السياسي.. في السودان مكثوا لمدة 30 عامًا وفشلوا في الاستجابة إلى رغبات السودانيين فأسقطوهم عن الحكم، وفي مصر لم يحتملهم الشارع المصري إلا عامًا واحدًا والآن تونس.
يرى متابعون أن الإسلاميين بمجرد وصولهم إلى السلطة يبدأون على الفور بمحاولة أسلمة المجتمع على طريقتهم، ومن التوسع إلى التمكين، ويثبت الواقع أن جميع أحزاب الإسلام السياسي في العالم العربي لديها نفس الإستراتيجية، بما فيها حزب حركة النهضة الذي كان يعده البعض استثناء.
يوضح ذلك تصريح شهير لراشد الغنوشي رئيس البرلمان المجمد الآن، الذي أكد أنهم لو تركوا الحكومة لن يتركوا السلطة، من خلال رجالهم المزروعين في مختلف تروس الإدارة والمؤسسات السيادية في البلاد، بل وداخل قصر الرئاسة نفسه ودواوين الحكومة، ولهذا أصدر قيس سعيد عدة قرارات أعفى فيها كبار المسئولين الذي عينتهم النهضة في أماكن حساسة بالبلاد.
حكم الإسلاميين
تجارب حكم الإسلاميين تؤكد أنهم ليسوا كغيرهم من الساسة الذين يهدفون إلى المضي ببلدانهم للأمام وإثبات قوة حضورهم وصلاحيتهم للحكم، فبمجرد وصولهم إلى السلطة، يحاولون الانتشار على نطاق واسع في كل مؤسسات المجتمع خوفا من اكتشاف مشروعهم قبل أن تكون لهم الغلبة.
ثم تبدأ دائرة جهنمية يتم من خلالها استغلال الدين في الصراع مع الخصوم وتجييش العوام ورصهم خلف الحروب المتوهمة على العقيدة، إلى أن تحين لحظة الصدام ويكتشف الجميع أنهم أسرى لمشروع ظلامي، يجب استئصاله من البلاد.