رئيس التحرير
عصام كامل

لم يتعلموا الدرس.. ولكن!

صحيح أن انتفاضة تونس ضد الإخوان تأخرت لكنها اشتعلت أخيرًا كنهاية متوقعة وطبيعية قال فيها الشعب كلمته عالية مدوية: "الإخوان بره بره.. تونس حرة حرة".. وظني أن جماعة الإخوان لو استمرت فيما كانت تخطط له في مصر لقلنا على الدول العربية الأخرى السلام لكن سقوطها هنا جعل سقوطها هناك نتيجة حتمية متسقة تمامًا مع تجربتها المريرة على أرض المحروسة، وهو ما سوف يحدث أيضًا لسائر فصائل جماعة الإخوان في البلدان العربية وستكتب الشعوب نهايتهم بأيديها. 

لا يخفى ما تمثله مصر كما تونس وليبيا من أهمية بالغة للتنظيم الدولي للإخوان بحسبانها رقما مهمًا في معادلة السياسة؛ لذلك فإن سقوط جماعة الإخوان في هذه الأقطار يعني تفكيك بنيان هذا التنظيم الدولي عاجلًا أو آجلًا؛ ذلك أن الإسلام السياسي الذي دأب على خلط الدين بالسياسة والمتاجرة بالشعارات واستخدام العنف والتماهي مع الأعداء وتمكينهم من تنفيذ مخططاتهم الشيطانية لهدم أركان الدول وتقويض استقرارها وتمكين الإرهاب وميليشياته من مفاصلها ومقاديرها.. لم يتعلم الدرس ولم يستخلص عبرة التاريخ مما جرى في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس. 

أكاذيب الإخوان

من يتأمل ما جرى لأمتنا المنكوبة بثورات الخريف العربي يكتشف أن الإخوان يتمسحون بالدين دون أن يكون في سلوكياتهم شيء من سماحته واعتداله، وأن ثمة سلفيين يمضون على خطى إخوانهم دون أن يستفيدوا شيئًا مما جرى لهم بل إنهم يترددون في مسارات متناقضة؛ فبينما كانوا يحرِّمون الخروج على الحاكم قبل أحداث يناير 2011 وأثناءها فقد تماهوا مع الإخوان خلال عام حكمهم لمصر، ثم سرعان ما انقلبوا عليهم وهادنوا الدولة بعد 30 يونيو. 

لم يتعلم إخوان تونس درس إخوانهم في مصر، ولم يفطنوا أن أحدًا من عامة الشعب وخاصته لم يعد يثق بهم ولا بما يروجون من معلومات وما يتخذون من مواقف لا تعدو كونها أكاذيب وفبركات تلجأ إليها الجماعة بعد فقدانها أي قدرة على التأثير في الشارع وتلاشي مصداقيتها لدى عامة الناس. 

والسؤال: هل ما أصاب الإسلام السياسي وجماعة الإخوان تحديدًا من ضعف وتهافت وتفكك وتراجع ذريعة للاستهتار والتراخي والتغافل عن الخطورة الكامنة في أفكارها والتي يجري توظيفها لتسميم عقول النشء والشباب واستمالتهم بوسائل شتى تنفيذًا لأجندة سياسية لن تتغير بل تمضي جنبًا إلى جنب بث الشائعات والأباطيل لتوهين عزائم المواطنين وإحباطهم وضرب الدولة في أعز أركانها عبر آلة التشكيك والتشويه التي تسعي بكل همة لإثارة البلبلة واللغط في كل ما يخص مصر.

الجريدة الرسمية