موقف الشرع من عمليات زرع الشعر
تكثر هذه الأيام عمليات زرع الشعر وتصفيفه ليس عند النساء وحدهن بل أيضا عند الرجال فيلجأون إلى عمليات تجميل بالزرع وإطالة الشعر مقابل آلاف الجنيهات فما موقف الدين من عمليات زرع الشعر عند الرجال؟ وأجابت دار الإفتاء المصرية قائلة:
حب الزينة ودفع ما يعاب به المرء أمر فطري أقرته الشريعة، ففي حديث الثلاثة الذين أوَوْا إلى الغار: (وآتى ـ أى الملك ـ الأقرع ، فقال: أي شيء أحب إليك؟ فقال: شعر حسن، ويذهب عنى هذا قد قذرنى الناس قال فمسحة ذهب فقال له وأعطنى شعرا حسنا) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ووجه الدلالة: إقرار الملك له واستجابته لمطلبه.
عمل السلف
وفي السنة الشريفة الحديث الذي أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة ابن أسعد رضي الله عنه قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من ورق، فأنتن عليه فأمر النبى صلى الله عليه وسلم، فاتخذ أنفا من ذهب، أخرجه الترمذي.
وقال: (هذا حديث حسن غريب، وقد روى عن غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفى هذا الحديث حجة لهم)، وهو حجة في الباب، وعليه عمل السلف؛ كما نقله الترمذي عن بعضهم.
عملية جراحية
أما زرع الشعر فهو عبارة عن عملية جراحية تجميلية حديثة يقوم فيها الطبيب بأخذ جزء من المنطقة التي يقل فيها تساقط الشعر ليغرسها في المنطقة التي تساقط منها الشعر بحيث يكون الشعر ناميا، وإن زرع الشعر له حالات:
الأول: الزرع من شعر نفس الشخص المنتفع، وحكمه الجواز، فالإنسان له أن يأخذ من نفسه لنفسه مقدما المصلحة الراجحة له، فمن ضُرب على وجهه بشيء من شأنه أن يقتل أو يكسر أو يشين فاتقاه بيده فله ذلك في كل الحالات، مع أن اليد سيصيبها ضرر، فإن كان الأمر كذلك فنزع الشعر من بعض الأماكن من الجسد لوضعها في مكان آخر من البدن جائز أيضا.
نقل العضو
ومن هنا صدر عن مجلس الفقه الإسلامي - التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة- قرارات؛ منها أنه يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، بشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة شكله، أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسيا أو عضويا.
الثانى: الزرع من شعر غير المنتفع، وهو جائز أيضا على قول من قال بجواز الانتفاع بشعر الآدمي، وهو مذهب محمد بن الحسن، قال الحافظ العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" أنه لا يجوز بيع شعر الإنسان ولا الانتفاع به، ولا خلاف فيه للفقهاء إلا رواية عن محمد رحمه الله يجوز الانتفاع بشعر الآدمي، استدلالا بما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين حلق رأسه قسم شعره بين أصحابه، وكانوا يتبركون به، ولو كان الشعر نجسا لما فعل.
الوصل والزرع
ومما سبق يتبين أن الصورة الواردة ـ زرع الشعر ـ ليست داخلة في الوصل الذي ورد النهي عنه في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة) فزرع الشعر لا يأخذ حكم الوصل؛ فهو لا يتناوله لغة ولا شرعا في الراجح عندنا من أن علة النهي عن الوصل التدليس، كما هو مذهب الشافعية ومن وافقهم.
الثالث: الزرع من غير شعر الآدمي (الشعر الصناعي)، زرع الشعر المصنوع من ألياف صناعية جائز، وليس من الوصل المنهي عنه كما تقدم، كما أنه أولى بالجواز من المسألة المتقدمة؛ لبعده عن كثير من اعتراضات بعض أهل العلم.