الشيخ الشعراوي يشرح الأصل في تعدد الزوجات
«تتعدد قضايا المرأة المسلمة من حيث الزواج وتعدد الزوجات والطلاق والحجاب والختان والميراث وغيرها، ومن هذه القضايا قضايا يستغلها خصوم الإسلام وأعداؤه أسوأ استغلال، يحيطونها بالشكوك والشبهات والافتراءات الظالمة، لتشويه صورة الإسلام، والادعاء حقدا وكذبا وزيفا بأنه ظلم المرأة، ولم يضعها في مكانتها اللائقة شريكة للرجل في الحياة.
من أهم هذه القضايا قضية "تعدد الزوجات" التي لم يتوقف أعداء الإسلام عن إثارة الشبهات حولها؛ حيث جعلوها دليلا على الجور على المرأة المسلمة، وتغييب دورها.
الإباحة وليس الوجوب
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي في كتابه "المرأة في القران ": إن الأصل في التشريع هو الإباحة وليس الوجوب، أي أن الإسلام لا يوجب على الرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكنه يبيح له ذلك إذا رأى أن حياته محتاجة إلى ذلك، وفرق كبير بين الوجوب والإباحة قال الحق سبحانه وتعالى في سورة النساء: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " والمقصود بتعدد الزوجات ألا تبقى امرأة في المجتمع بلا زوج، حتى لا تحدث انحرافات وينتشر الحرام.
الزوجة الثانية
ويضيف الشعراوي: إن التعدد في كثير من الأحيان يكون حافظا للزوجة الأولى، وحافظا أيضًا للزوجة الثانية، ومن حق الزوجة أن تشترط ساعة زواجها ألا يتزوج زوجها بامرأة أخرى، ذلك أن من حقها أن تشترط في عقد الزواج ما تشاء.
إننا إذا أخذنا إحصائيات الحياة، ثم فرضنا أن عدد الإناث وعدد الذكور متساو فإن أحداث الحياة تأخذ من الرجال أكثر مما تأخذ من النساء، فالمعارك والحروب يتحملها الرجال، وحياة الرجل وسعيه للرزق يجعله يتعرض لمخاطر أكثر من المرأة، ولو تساوى عدد الرجال والنساء ثم تعرض الرجال لمخاطر الحروب ـ للعجز أو الموت ـ فأين تذهب الباقيات؟
حتمية العدالة
وترجع الضجة والجدل الذى يحدث بين الحين والآخر حول إباحة التعدد إلى الرجال وليس النساء، فالرجال هم الذين يتسببون في تلك الضجة لأنهم لم يأخذوا مع إباحة الله للتعدد " حتمية العدالة " ولو أخذوا تلك الحتمية ولم تتأثر الزوجة الأولى في معيشتها وحياتها وأولادها ما كانت هناك مشكلة.
إن الذي يسمع ما يثار حول هذه القضية من شبهات وادعاءات وجدل يعتقد أن تعدد الزوجات في المجتمع الإسلامي مسألة وبائية وأن 90 % من الرجال متزوج بأكثر من واحدة.
مشكلات الأسرة
أن الأسرة قد تتعرض لمشكلات تهدد كيانها، وتعرضها للدمار والفساد. وهذه المشكلات لا يمكن علاجها إلا من طريق إباحة التعدد، ومنها على سبيل المثال: زيادة عدد الاناث على عدد الذكور في المجتمع، مرض الزوجة مرض عضال أو إصابتها بالعقم، نقص عدد الرجال بسبب الحروب، قوة الدوافع الجنسية عند بعض الرجال وغير ذلك.
الشريعة الإسلامية
وقد جاءت الشريعة الإسلامية لتمنع وقوع الإنسان في الحرج فأباحت له الزواج بأخرى حتى لا يقع فريسة للصراع النفسي الذى قد يقوده الى الوقوع في الحرام.
إلا أن الإسلام اشترط (العدل ) بين الزوجات، فقال عز وجل: " فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة ".
و أن العدل المطلوب هو العدل فيما يملكه الإنسان من الحقوق والواجبات، وهو أمر في استطاعة البشر، والقرآن الكريم هو الذي عقب على قضية العدل المراد، بعد أن ذكر للرجال أنهم لن يستطيعوا العدل ولو حرصوا، فأبان أن العدل المطلوب هو عدم الميل المتعمد وقال تعالى: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ".
عدم الظلم
أما العدل القلبي فلا يملكه أحد، ولذلك اشترط الإسلام لإباحة تعدد الزوجات عدم الخوف من الظلم فيه، حيث كان الناس قديما يعددون بلا حدود ولا ضوابط، مما جعل الضرر والظلم على المرأة أشد..
لقد جعل الإسلام للتعدد أحكاما وآدابا ومبررات، حفاظًا على كرامة المرأة وحسن رعايتها وسلامة الأسرة من الانحدار في الهاوية.
ولو ان طالب الزواج دخل عليه بمطلوبات الله فيه لما حدث ما يدعو إلى الضرر، ولذلك فلو قرأ دعاة التحلل الحقيقة من مصادرها الاصلية القرآن الكريم والسنة المطهرة وتعايشوا معها لعلموا أن الإسلام كرم المرأة تكريما لم تره في ماضي التاريخ وحاضره.