لماذا زادت مشاعر الغضب ضد أمريكا بعد عودة طالبان؟
مازالت تداعيات ما حدث في أفغانستان تفرض نفسها على الساحة، ويبدو لافتا تأجج مشاعر الغضب ضد أمريكا، بسبب تساهلها في تولي طالبان الحكم في أفغانستان مرة آخرى، بعد معركة دراماتيكية فور مغادرة الجنود الأمريكيين بأسابيع، وعزز من الشعور بالاستهداف ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن بلاده لم تكن تهدف لإقامة ديمقراطية أو دولة، بل كانت تسعى للحفاظ على المصالح الأمريكية.
فخ سياسي
يقول عمرو فاروق الكاتب والباحث، إن تسليم السلطة إلى حركة طالبان الأفغانية المتطرفة، جاء بعد انسحاب الولايات المتحدة من عمق الدولة الأفغانية، موضحا أنه تصرف ليس بريئًا في ذاته ولا تغلفه النيات الطيبة، أو مساعي أمريكا في تحقيق الديموقراطية، أو منح الشعوب كامل حرياتها وإرادتها.
ولفت فاروق إلى أن فخا سياسيا جديدا وضعته الاستخبارات الأمريكية بدقّة في طريق كل من الصين وروسيا وإيران، بهدف تحويل جنوب آسيا وشرقها غرفة عمليات جديدة ومنطقة ملتهبة، على أيدي جماعات الإسلام الحركي، التي تنفذ بها دائمًا مخططاتها الاستعمارية.
واستكمل: فتح المجال الدبلوماسي أمام حركة طالبان، وتقديمها ككيان سياسي يتمتع بعلاقات دولية شرقًا وغربًا، يمثلان نقطة تغيير في استراتيجية الولايات المتحدة، في تعاملها مع الحركات الأصولية المسلحة، وطرحها على المسرح السياسي الدولي كطرف تفاوضي يتمتع بكامل الأهلية، ونقلها من أدبيات "فقه التنظيم" إلى أطروحات"فقه الدولة".
أوضح فاروق أن واشنطن مازالت تراهن على ورقة الإسلام السياسي، فليس مستبعدًا من خلال تلك النظرة النفعية البحتة التي تعتمدها القيادة الأميركية في تنفيذ رؤيتها واستراتيجيتها كما حدث مع حركة طالبان، منح الشرعية السياسية لكل من "هيئة تحرير الشام"، المسيطرة على مدن الشمال السوري، بقيادة أبو محمد الجولاني، وحركة "بوكو حرام"، المتمركزة في غرب ووسط أفريقيا بقيادة أبو مصعب البرناوي، وحركة "الشباب المجاهدين" المتركزة في القرن الأفريقي بقيادة أبو عبيدة الصومالي.
أضاف: قد تحول هؤلاء جميعا إلى أطراف تفاوضية، بعدما فشلت الجماعات التقليدية في تحقيق مشروع الانتقال من خانة التنظيم إلى خانة الدولة مثل جماعة الإخوان، أو تنظيم داعش في سوريا.
هزائم متتالية
السيد شبل، الكاتب والباحث في معهد الدراسات المستقبلية ببيروت، يرى إن أمريكا خلف ما يحدث في أفغانستان، ولا شيء جرى هناك بغير رغبتها، موضحًا أن سيطرة طالبان على البلاد تمت بترتيب بين واشنطن والدوحة وأنقرة.
لفت الباحث إلى أن أفغانستان ستستقبل في القريب العاجل فلول كل الحركات الإسلاموية التي تلقت هزائم متتالية في عدد من الدول العربية بالآونة الأخيرة.
وعن طبيعة الانسحاب الأمريكي في أفغانستان قال شبل إن أمريكا نجحت فيما أرادت، ثم انسحبت حين شعرت بانعدام الفائدة من وجودها في البلاد مع ارتفاع تكلفة التعبئة العسكرية.
عرقلة التطور
يرى الباحث أن الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية تدخلها في أفغانستان بالسبعينيات عملت على عرقلة تطور المجتمع الأفغاني ودعمت القوى الرجعية والقبلية في مواجهة القوى اليسارية، ثم احتلت البلاد مباشرة لأكثر من عقدين منذ عام ٢٠٠١.
اختتم: لم تصنع أمريكا أي نوع من التطوير المؤسسي أو المجتمعي، وبانسحابها حصل فراغ مهول لم تكن ثمة قوى مؤهلة لتعبئته سوى طالبان والتي ليست أكثر تجمع قبلي/ديني سلفي الطابع، على حد قوله.