وقفة قبل التنسيق!
لا تترددوا في الجلوس والنقاش مع أبنائكم وأقاربكم الحاصلين على الثانوية العامة لمعرفة ميولهم واهتماماتهم حتى يتسنى اختيار كلية أو معهد مناسب لقدراتهم وميولهم لأن الاختيار الفاشل تكون نتيجته غالبا على غير ما يرام، ومن واقع تجربتي الشخصية وخبرتي المتواضعة فإن أَفشل ما في تنسيق الثانوية العامة أن تضع نصب عينيك الالتحاق بكلية تناسب مجموعك دون زيادة أو نقصان دون النظر للميول والقدرات، فقد تكون حاصل على 95% وتناسبك كلية تجارة فلما لا؟! وقد تكون حاصل على 99% وتناسبك كلية إعلام وليست اقتصاد وعلوم سياسية؟!
وعلى أولياء الأمور وكذلك الأخوة الطلاب عدم الانسياق وراء مسميات الكليات دون تروٍّ أو اعتماد على اسمها فقط، فالآلاف من الخريجين ما زالوا في طور الندم جراء حصولهم على مؤهلات عليا لا تناسب قدراتهم أو ميولهم.. نعم الآلاف كانت لا تناسبهم كليات الإعلام أو العلوم السياسية أو الألسن لكنهم انساقوا خلف المسميات البراقة، فعلى الجميع التروي وتبادل المشورة مع الأصدقاء والأقارب وذوي الخبرة، لأن اختيار الكلية يتوقف عليه جزء كبير من خريطة المستقبل.
حكايتي مع تنسيق الثانوية العامة سأقصها على القراء ربما فيها بعض العبر، فقد أحببت وما زالت أحب دراسة الإعلام ولكن كنت أنوي الالتحاق بكلية الصيدلة، ووفقًا لتنسيق الثانوية العامة التحقت بكلية السياحة والفنادق جامعة القاهرة فرع الفيوم بمجموع 90% وكنت آنذاك شعبة علمي علوم، وذلك في صيف 1999.
لكن من باب العناد والتحدي رفضت أن أقوم بالتحويل إلى آداب إعلام أو إلى كلية أخرى، وهكذا الحال بالنسبة إلى كثير من الزملاء الذين كان لهم توجهات وميول أخرى غير كلية السياحة، وباستمراري في الكلية أيقنت أن الدراسة لا تناسب ميولي وتوجهاتي، وفي ذلك الوقت لم أتراجع أو أقوم بالتحويل واجتهدت في المذاكرة وحضور المحاضرات حتى أطلقوا على غرفتي بالمدينة الجامعية "الصومعة".
حكايتى مع السياحة والإعلام
كنت من المتفوقين دراسيا حتى حصلت على درجة البكالوريوس في السياحة والفنادق بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف بترتيب الثاني على الدفعة عام 2003، وكانت الصدمة مضاعفة فقد تم الاكتفاء بتعيين الأول فقط معيد، كما تم وقف تعيينات أوائل الخريجين، وحيث إنني لم أكن من محبي العمل في القطاع السياحي الخاص، فقد اتجهت للعمل في المجال الذي أحبه ولدي ميول فيه وهو مجال الصحافة، وهو مجال صعب جدا خاصة في بداية العمل به، وكان البعض يقولها لي كيف يكون لخريج كلية السياحة أن يكون صحفيًا، وهو لا يعلم أمرين أن هناك قامات صحفية كثيرة ليست خريجة إعلام، وأن حب المهنة يقود إلى صقل الموهبة والاحتراف الجيد في أدائها وتحقيق نجاح فيها، ثانيا أن نقابة الصحفيين في شرط الانضمام إليها تتضمن الحصول على مؤهل عال دون اشتراط أن يكون في مجال الإعلام.
وبعد 8 سنين من الصعود والهبوط كمراسل لعدة صحف من أسيوط فضلا عن العمل في مجال الصحافة المحلية، وبعد يناير 2011 طلبنا والكثير من الزملاء إعادة تفعيل تعيين أوائل الخريجين، وبعد ذلك قمت برفع دعوة قضائية للقيد بنقابة الصحفيين بناءً على أرشيف ممتد لثمان سنوات، وقد تم تعييني بالفعل بمكتب وزير السياحة وتم قيدي بنقابة الصحفيين بعد ذلك بشهور، وبالتأكيد أن هذا المسار الذي استقر منذ عدة سنوات سبقته ثماني سنوات من العواصف والأعاصير.
والأغرب من ذلك والجدير بالذكر أني عُدت للكلية التي كنت لا أتقبلها خلال فترة الدراسة الجامعية مرة أخرى عام 2016 لأسجل فيها للحصول على درجة الماجستير في المجال الذي أحبه وهو الإعلام السياحي وإدارة الأزمات عن حب واقتناع، وحصلت على درجة الماجستير في 2019 ومازلت باحثا للحصول على درجة الدكتوراة. ثم كان القدر يحالفني وبتوفيق من الله حصلت على منحة لدولة الهند وكنت ممثل مصر الوحيد فيها للحصول على دبلومة في الصحافة التنموية عام 2018 وقد شرفت بتكريم وزيرة الإعلام الهندية سميرتي إيريني.