المحكمة التأديبية العليا:
حيثيات براءة مدير تعليم شمال بورسعيد ومساعديه
قضت المحكمة بـ مجلس الدولة في القضية رقم 50 لسنة 62 قضائية عليا ببراءة مدير عام إدارة شمال بورسعيد التعليمية ومسؤولين آخرين من مساعديه بعد ثبوت عدم ارتكابهم ثمة مخالفات مالية أو إدارية جسيمة، ولم يخرجوا على مقتضيات الواجب الوظيفي.
حكم البراءة شمل كلًا من أحمد عبد العاطي عيسى، كبير كتاب بقسم حصر الوظائف بشؤون العاملين بإدارة شمال بورسعيد التعليمية ومحمد عبد الرحمن عبد العزيز، مدير عام إدارة شمال بورسعيد التعليمية وعبده إبراهيم أحمد، رئيس شؤون العاملين.
وكانت النيابة الإدارية اتهمت الأول بتقاضي بدل راحات من جهة عمله حال كونه متفرغا للعمل بنقابة أكاديمية البحث العلمي للعاملين بمديرية التربية والتعليم ببورسعيد، وأنه تقاضى مبالغ مالية نظير الإشراف على لجنة استراحات الدبلوم الفني رغم كونه متفرغا للعمل بنقابة أكاديمية البحث العلمي للعاملين بمديرية التربية والتعليم ببورسعيد وبالمخالفة للقانون والتعليمات، والثاني وافق على صرف بدل الراحات عن أيام الراحات والعطلات الرسمية إلى الأول حال أنه متفرغ بشكل كامل للعمل النقابي خلال تلك الأشهر مما ترتب عليه حصوله على تلك المبالغ بدون وجه حق وبالمخالفة للقانون والتعليمات.
بدل العطلات
ووقع بالموافقة على الطلبات المقدمة إليه من الأول للموافقة على صرف بدل العطلات عن أيام الجمعة والسبت رغم عدم تواجده بالعمل بالإدارة رئاسته بتلك الأيام وتفرغه للعمل النقابي وحال قيامه بالتوقيع بما يفيد تواجده بالنقابة، وأنه اعتمد صحة توقيع الأول بالأوراق الخارجية التي تم إعدادها بعيدًا وبشكل مستقل عن سجل الحضور والانصراف عن أيام الراحات والعطلات للعاملين بالإدارة جهة رئاسته والتي تحمل توقيعات منسوبة إليه، وسمح الثالث للأول بالتوقيع بسجل العطلات الخاص بالعاملين بالإدارة حال الأخير متفرغ للعمل النقابي خلال تلك الفترة مما ترتب عليه قيامه بصرف مبالغ مالية دون وجه حق.
قالت المحكمة أن وقائع الدعوى تتلخص في أن النيابة الإدارية وردت إليها شكوى مقدمة من وجدي محمد حلمي، كاتب أول شؤون العاملين بإدارة شمال بورسعيد التعليمية، تحت رقم 2916 بتاريخ 6/12/2017، يتضرر فيها من المحال الأول لصرفه مبالغ مالية دون وجه حق تحت مسمى بدل راحات رغم تفرغه الكامل للعمل النقابي، وتبين أن المحال الأول تقدم بطلبات للمحال الثاني للموافقة على صرف بدل راحات وعطلات لوجوده في الإدارة محل عمله وأدائه الأعمال المكلف بها، فأشر الأخير بعدم الممانعة في الصرف، وأفادت التحقيقات بأن المحال الأول استند إلى أنه يستحق صرف تلك المبالغ طالما أدى أعمالا بجهة عمله.
وأكدت المحكمة أنه لا يؤاخذ المحال الأول بتمسكه بنص قانوني يبيح له تقاضي البدلات المقررة لأقرانه حال تفرغه للعمل النقابي، وتمسكه بالتبيعة بصرف نظير أعمال كُلِّف بها أثناء هذا التفرغ، والمحال الثاني لم يكن ليمتنع عن الموافقة على صرف مستحقات المحال الأول طالما لم يقم من القانون أو التعليمات المحددة ما يمنع من صرف تلك المبالغ إليه.
الواجب الوظيفي
ولم يكن من المنطق في شيء حضور المحال الأول لجهة عمله وأداء أعماله المكلف بها دون التوقيع بما يثبت حضوره وانصرافه سواء كان ذلك بالسجلات المقررة لأقرانه أو بسجلات خاصة معتمدة لها صفة الرسمية درءا لاختلال يشوب العمل الإداري حال تواجد أحد العاملين بمقر عمله أو انصرافه منه دون ثبوت هذا التواجد والانصراف، مما لا محاجة فيه على المحال الثالث إذ امتثل إلى تعليمات رئاسته بالسماح للمحال الأول بالتوقيع بسجلات الراحات والعطلات المقررة بجهة عمله، فانتفى في حق المحالين جميعهم القول بخروجهم على مقتضى الواجب الوظيفي.
وتجدر الإشارة إلى أنه بشأن المخالفة الثالثة المنسوبة إلى المحال الثاني، فإن كانت المحكمة قد سردت في أسباب حكمها في مجملها ما يبرئ ساحته من مخالفة مقتضى واجبه الوظيفي في أي مما نُسب إليه، إلا أن هذه المخالفة على ما وردت به صياغتها بتقرير الاتهام قد جاءت متضاربة تماما مع ما هو منسوب إليه أو إلى المحال الأول، إذ صيغت بما يتناقض تمام التناقض مع السياق العام لكافة المخالفات المشار إليها، وإن اتخذتها المحكمة محلا لبحث أو تقييم لاكتفت بها سندا لحكمها المتقدم بيانه في الأسباب.
إذ لا يقبل المنطق الصحيح للأمور القول بأن المحال الثاني اعتمد توقيع المحال الأول بأوراق خارجية لإثبات حضوره وانصرافه في أيام الراحات والعطلات مما أدى إلى عدم صرف هذا المحال الأول بدل الراحات المقررة له، في حين جاء السياق العام للمخالفات المنسوبة إلى هذين المحالين في إطار اتهام الأول بتقاضيه تلك البدلات رغم تفرغه للعمل النقابي، واتهام الثاني بالموافقة على صرفه تلك المبالغ عن تلك الشهور كافة رغم هذا التفرغ، فجاء الاتهام بتلك المخالفة متناقضا تمام التناقض مع ما سيق بأوراق الدعوى وأوراقها كافة بما فيها تقرير الاتهام ذاته، مما تلتفت معه المحكمة عن تلك المخالفة، ولهذه الأسباب قضت المحكمة ببراءة المحالين الثلاثة.